معرفة الحق بحكم العقل إذا لم يكن يعانده، بل كان منقادا له على اجماله. ولعل هذا ظاهر، ولكن مع ذلك التزم صاحب الكفاية (ره) في حاشيته على الكفاية بأنه مستحق للعقاب، وهو مبنى على ما ذكره في بحث الطلب والإرادة (تارة) وفي بحث القطع (أخرى) من أن العقاب انما هو من تبعات البعد عن المولى الناشئ من الخباثة الذاتية، فينتهي الامر بالآخرة إلى امر ذاتي، والذاتي لا يعلل. وهذا الكلام وان صدر من هذا العالم العليم، إلا أنه خلاف الصواب وقد ذكرنا ما فيه في بحث الطلب والإرادة ولا نعيد.
هذا كله فيما إذا كان الظن متعلقا بما تجب معرفته عقلا أو شرعا. واما ان كان الظن متعلقا بما يجب التباني وعقد القلب عليه والتسليم والانقياد له، كتفاصيل البرزخ وتفاصيل المعاد ووقائع يوم القيامة وتفاصيل الصراط والميزان ونحو ذلك مما لا تجب معرفته، وانما الواجب عقد القلب عليه والانقياد له على تقدير اخبار النبي صل الله عليه وآله به، فان كان الظن المتعلق بهذه الأمور من الظنون الخاصة الثابتة حجيتها بغير دليل الانسداد فهو حجة، بمعنى انه لا مانع من الالتزام بمتعلقه وعقد القلب عليه، لأنه ثابت بالتعبد الشرعي، بلا فرق بين ان تكون الحجية بمعنى جعل الطريقية كما أخبرناه، أو بمعنى جعل المنجزية والمذرية كما اختاره صاحب الكفاية (ره)، وان كان الظن من الظنون المطلقة الثابتة حجيتها بدليل الانسداد فلا يكون حجة، بمعنى عدم جواز الالتزام وعقد القلب بمتعلقه لعدم تمامية مقدمات الانسداد في المقام، إذ منها عدم جواز الاحتياط لاستلزامه اختلال النظام، أو عدم وجوبه لكونه حرجا على المكلف. والاحتياط في هذا النوع من الأمور الاعتقادية بمكان من الامكان، بلا استلزام للاختلال والحرج، إذ الالتزام بما هو الواقع وعقد القلب عليه على اجماله لا يستلزم الاختلال ولا يكون حرجا على المكلف.