الصوم عليه يوم الجمعة، لان التكاليف من ناحية النذر ان كان متعلقا بصوم يوم الخميس، فقد امتثله على الفرض، وان كان متعلقا بصوم يوم الجمعة فمتعلقه حرجي فعلا، فقد ارتفع بقاعدة نفي الحرج.
والمقام من هذا القبيل بعينه، لان الشبهات التي يلزم الحرج أو الضرر من الاحتياط فيها طويلة تدريجية لا عرضية، فلا يكون الاحتياط فيها واجبا على المسلكين على ما عرفت، فلا تظهر ثمرة بينهما في مثل المقام. نعم تظهر الثمرة بينهما فيما كانت الأطراف عرضية كما إذا انحصر الماء في اناءين، وعلم اجمالا بنجاسة أحدهما، وكان الاجتناب عنهما حرجا على المكلف، فيجب الاجتناب عنهما على مسلك صاحب الكفاية (رحمه الله) دون مسلك الشيخ (ره) على ما عرفت. وتظهر الثمرة بينهما أيضا في ثبوت خيار الغبن بقاعدة نفي الضرر، لان الضرر المتوجه إلى المغبون ناشئ من حكم الشارع باللزوم، فيرتفع بقاعدة نفى الضرر على مسلك الشيخ (ره) دون مسلك صاحب الكفاية (ره) إذ متعلق اللزوم وهو العقد ليس ضرريا، فلا يرتفع على هذا المسلك.
فتحصل مما ذكرناه في المقام ان الاحتياط التام في جميع الشبهات غير واجب إما لعدم امكانه أو لاستلزامه اختلال النظام أو لكونه موجبا للعسر والحرج.
واما التبعيض في الاحتياط بما لا يلزم منه الاختلال ولا العسر فلا مناص من الالتزام بوجوبه على تقدير تمامية مقدمات الانسداد، إذ لم يدل دليل على عدم وجوبه أو عدم جوازه. ودعوى الاجماع - على عدم رضى الشارع بالامتثال الاجمالي في معظم احكامه - غير مسموعة، لان المسألة مستحدثة، فدعوى اتفاق الفقهاء من المتأخرين والمتقدمين ممنوعة جدا. وعلى فرض تسليم الاتفاق لا يكون كاشفا عن رأي المعصوم، لاحتمال ان يكون مدرك المجمعين هو اعتبار قصد الوجه أو التمييز في العبادات، فلا ينفع لمن يرى عدم اعتبارهما