الأمر بين أن يكون المراد من النفي هو النهي فيكون المراد النهي عن الاضرار بالغير كما هو الحال في قوله تعالى: (لا رفث ولا فسوق ولا جدال) فان المراد نهي المحرم عن هذه الأمور وحرمتها عليه، وكذا قوله عليه السلام: (لا رهبانية في الاسلام) فان المراد منه النهي عن الرهبانية. والتزم بهذا المعنى شيخنا الشريعة في رسالته المعمولة في قاعدة لا ضرر، وأصر عليه، وأن يكون المراد هو النفي، وحيث إن النفي التكويني للضرر، والحرج غير معقول، فيكون المراد منه النفي التشريعي، بمعنى انه لا ضرر ولا حرج في الشريعة، هذا المعنى راجع إلى ما ذكره الشيخ (ره) من أن المراد نفي الحكم الضرري، ونفي الحكم الحرجي في الشريعة. وهذا المعنى هو الظاهر من أدلة نفي الحرج والضرر، بقرينة ما في بعض الروايات من أنه لا ضرر في الاسلام أو في الدين، فإنه ظاهر في نفي تشريع الحكم الضرري في دين الاسلام، وكذا قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) فإذا تكون قاعدة نفي الحرج حاكمة على قاعدة الاحتياط على ما تقدم تقريبه عند نقل كلام الشيخ (ره).
واما (ثانيا) - فلان قاعدة نفي الحرج والضرر حاكمة على قاعدة الاحتياط في مثل المقام، مما كانت أطراف الشبهة من التدريجيات، ولو على مسلك صاحب الكفاية (ره) لان الحرج في مثل ذلك يكون في الافراد الأخيرة ويكون فعلها والآتيان بها حرجيا، فيعلم بعدم ثبوت التكليف فيها، لأن التكليف إن كان في الواقع متعلقا بالأفراد المتقدمة، فقد امتثله المكلف على الفرض، وان كان متعلقا بالافراد الأخيرة كان متعلقه حرجيا، فيرتفع بقاعدة نفي الحرج، ولو على مسلك صاحب الكفاية (ره) مثلا لو فرض تعلق النذر بصوم يوم معين، وتردد بين يوم الخميس ويوم الجمعة مثلا، وفرض كون الصوم فيهما حرجيا على الناذر، فإذا صام يوم الخميس، يعلم بعدم وجوب