جريانه مخالفة عملية، نظير ما إذا علم اجمالا بطهارة الاناءين المسبوقين بالنجاسة فإنه لا يلزم من اجراء استصحاب النجاسة فيهما مخالفة عملية. وأما على القول بأن العلم الاجمالي بانتقاض الحالة السابقة بنفسه مانع عن جريان الاستصحاب ولو لم يلزم منه مخالفة عملية، كما اختاره شيخنا الأنصاري (ره) وتبعه المحقق النائيني (ره) فلا يجرى الاستصحاب في المقام، للعلم بانتقاض الحالة السابقة في الجملة على الفرض.
ثم انه ذكر صاحب الكفاية (ره) انه لا مانع من جريان الاستصحاب في المقام حتى على مسلك الشيخ (ره) لان الاستنباط تدريجي، والمجتهد لا يكون ملتفتا إلي جميع الأطراف دفعة، ليحصل له شك فعلي بالنسبة إلى الجميع، بل يجري الاستصحاب في كل مورد غافلا عن مورد آخر، فلا يكون جريان الاستصحاب في جميع الأطراف في عرض واحد، ليحصل له علم اجمالي بأن هذا الاستصحاب أو ذاك مخالف للواقع.
(وبالجملة) العلم الاجمالي بانتقاض الحالة السابقة في بعض الموارد متوقف على الالتفات الفعلي إلى جميع الأطراف، وهو منتف في المقام، إذ المجتهد حين التفاته إلى حكم غافل عن حكم آخر، ولا التفات له إليه، ليحصل له العلم بان الاستصحاب في أحدهما مخالف للواقع.
وفيه ان الاستنباط وان كان تدريجيا والمجتهد لا يكون ملتفتا إلى جميع الشبهات التي هي مورد الاستصحاب دفعة كما ذكره، إلا أنه بعد الفراغ عن استنباط الجميع وجمعها في الرسالة مثلا يعلم اجمالا بانتقاض الحالة السابقة في بعض الموارد التي اجرى فيها الاستصحاب، فليس له الافتاء بها، فجريان الأصل المحرز المثبت للتكليف في المقام مبني على مسلكه من أن العلم الاجمالي بنفسه غير مانع عن جريان الاستصحاب ما لم تلزم منه مخالفة عملية.