لامتثالها، وان كان مراده هو العلم بأصل الشريعة لا العلم بفعلية التكاليف في حقنا، فلا وجه لجعل ذلك من مقدمات الانسداد، وان كان صحيحا في نفسه لان المقصود ذكر المقدمات القريبة التي يتألف منها دليل الانسداد لا المقدمات البعيدة، وان كان دليل الانسداد متوقفا عليها في نفس الامر، وإلا لزم ان يجعل من المقدمات اثبات الصانع واثبات النبوة إلى غير ذلك من المقدمات البعيدة التي هي مسلمة في نفسها ومفروغ عنها.
(اما الجهة الثانية) - ففي تعيين النتيجة المترتبة على المقدمات المذكورة، على تقدير تماميتها من حيث إنها الكشف أو الحكومة، وليعلم (أولا) - ان المراد من الكشف انه يستكشف من المقدمات المذكورة ان الشارع جعل الظن حجة. والمراد من الحكومة ان العقل الحاكم بالاستقلال في باب الإطاعة والامتثال يلزم المكلف بعد تمامية المقدمات بالامتثال الظني، وعدم التنزل إلى الامتثال الشكي والوهمي بمعنى ان العقل يراه معذورا غير مستحق للعقاب على مخالفة الواقع، مع الاخذ بالظن، ويراه مستحقا للعقاب على مخالفة الواقع على تقدير عدم الاخذ بالظن والاقتصار بالامتثال الشكي والوهمي، فيحكم العقل بتبعيض الاحتياط في فرض عدم التمكن من الاحتياط التام، وهذا هو معنى الحكومة، لا ما ذكره صاحب الكفاية (ره) من أن العقل مستقل بحجية الحكومة، لا ما ذكره صاحب الكفاية (ره) من أن العقل مستقل بحجية الظن، فإنه غير معقول، إذ العقل ليس بمشرع ليجعل الظن حجة، وانما شأنه الادراك ليس الا فالجعل والتشريع من وظائف المولى، والعقل يدرك ويرى المكلف معذورا في مخالفة الواقع، مع الاتيان بما يحصل معه الظن بالامتثال على تقدير تمامية المقدمات، ويراه غير معذور في مخالفة الواقع على تقدير ترك الامتثال الظني، والاقتصار بالامتثال الشكي أو الوهمي، وهذا هو معنى الحكومة.