بالاحتياط فيها محذور اختلال النظام أو العسر والحرج. وكذا الحال بالنسبة إلى المراتب، فان النتيجة بالنسبة إليها أيضا مهملة، لعين ما تقدم، ولكن التبعيض في مراتب الظنون يكون بعكس الكشف إذ على الكشف كان المتعين الاقتصار على الظن القوي، وعلى تقدير عدم الوفاء بمعظم الفقه على ما تقدم بيانه يتنزل إلى الظن المتوسط. وعلى تقدير عدم الوفاء أيضا يتنزل إلى الظن الضعيف، فيكون التنزل من الظن العالي إلى السافل، وتكون دائرة العمل بالظن أضيق. وعلى تقدير عدم الكفاية يتوسع شيئا فشيئا على ما تقدم. وهذا بخلاف الحكومة، إذ بعد بطلان الاحتياط الكلي - لعدم امكانه أو لاستلزامه اختلال النظام أو العسر والحرج، وتنزل العقل من الامتثال العلمي إلى الامتثال الظني - كان المنعين (أولا) - هو الاتيان بالمظنونات والمشكوكات والموهومات بالوهم القوي، ويطرح الموهوم بالوهم الضعيف فقط، وان تعذر ذلك فيأتي بالمظنونات والمشكوكات، ويطرح جميع الموهومات. وفي الصورتين يحصل الامتثال الظني. وإن تعذر ذلك أيضا فيأتي بجميع المظنونات، ويطرح المشكوكات أيضا وان تعذر ذلك أيضا فيأتي بالمظنونات بالظن القوي فقط، ويطرح المظنونات بالظن الضعيف أيضا كالمشكوكات، وفي هاتين الصورتين يكون الامتثال شكيا لطرح مشكوك التكليف على الفرض، فيكون التنزل من الضعيف إلى القوى وتكون دائرة العمل بالظن أوسع، وعلى تقدير التعذر يتضيق شيئا فشيئا.
(الجهة الرابعة) - في البحث عن تمامية المقدمات وعدمها. فتقول اما المقدمة الأولى فبديهية، إذ العلم الاجمالي - بوجود تكاليف فعلية لابد من التعرض لامتثالها - حاصل لكل مكلف مسلم، فانا لسنا كالبهائم نفعل ما نشاء ونترك ما نريد، وأطراف هذا العلم الاجمالي وان كانت كثيرة بحيث لا يتمكن المكلف من الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعية فيها، ويضطر إلى ترك بعض