الله في أرحامهن). وفيه انه لا ملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول تعبدا في المقام، إذ الموضوع لحرمة الكتمان عام استغراقي، بمعنى حرمة الكتمان على كل أحد فيحتمل ان يكون الوجه فيها ان اخبار الجميع مما يوجب العلم كما في الخبر المتواتر ولا يقاس المقام بحرمة الكتمان على النساء، لان طريق احراز ما في الأرحام منحصر في اخبارهن، واخبار المرأة مما لا يفيد العلم غالبا، فلو لم يكن اخبارها حجة تعبدا، وقيدت بالعلم كان تحريم الكتمان عليها لغوا، فصح دعوى الملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول هناك. بخلاف المقام، فان حرمة الكتمان فيه إنما هو علي علماء اليهود الذين أخفوا على الناس ما كان ظاهرا في التوارة من علامات نبوة نبينا وصفاته صلى الله عليه وآله بحيث لولا كتمانهم لظهر الحق لعامة الناس، فالغرض من تحريم الكتمان إنما هو ظهور الحق وحصول القطع للناس، لا قبول الخبر تعبدا. والذي يشهد - بما ذكرناه من أن المراد حرمة كتمان ما هو ظاهر في نفسه لولا الكتمان - قوله تعالي في ذيل الآية: (من بعد ما بيناه للناس) أي أظهرناه لهم، فتحصل انه لا ملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول في المقام.
(إن قلت): مقتضى إطلاق الآية حرمة الكتمان ولو مع علم المخبر بأن إخباره لا يفيد العلم للسامع، ولا ينضم إليه إخبار غيره لكتمانه، وحرمة الكتمان في هذا الفرض تدل على وجوب القبول، والا لزم كونها لغوا كما في حرمة الكتمان على النساء. (قلت): ظهور الحق للناس وحصول العلم لهم إنما هو حكمة لحرمة الكتمان، والحكمة الداعية إلى التكليف لا يلزم ان تكون سارية في جميع الموارد. الا ترى انه يجب على الشاهد ان يشهد عند الحاكم إذا دعى لذلك، بمقتضى قوله تعالي: (ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا) ولو مع العلم بعدم