هذا كله فيما إذا كان الشك في المراد لعدم انعقاد الظهور للكلام. وأما إن كان الشك في المراد لاحتمال عدم كون الظاهر مرادا جديا للمتكلم، مع انعقاد الظهور لكلامه، فيكون سبب الشك فيه أيضا أحد أمور ثلاثة: إما احتمال غفلة المتكلم عن بيان القرينة، وهذا الاحتمال منفي بالنسبة إلى الأئمة عليهم السلام وإما احتمال تعمده في عدم ذكر القرينة لمصلحة فيه أو لمفسدة في الذكر، وإما احتمال اتكاله على قرينة حالية أو مقالية متقدمة أو متأخرة لم نظفر عليها بعد الفحص. وعلى جميع هذه التقادير الثلاثة كان المرجع أصالة الظهور الثابتة حجيتها بيناء العقلاء، فإنهم يأخذون بظواهر الكلام ولا يعتنون بالاحتمالات الثلاثة المتقدمة، فأصالة الظهور بنفسها حجة ببناء العقلاء. وعدم ردع الشارع عنه لا لأصالة عدم القرينة - كما يستفاد من كلام شيخنا الأنصاري (ره) لان وجود القرينة المتصلة المانعة عن انعقاد الظهور مقطوع العدم على الفرض، ووجود القرينة المنفصلة وان كان محتملا، إلا أنه لا يمنع عن انعقاد الظهور، وإنما يمنع عن حجية الظهور على فرض الوصول، ومع عدم الوصول كما هو المفروض قد ثبت البناء من العقلاء على الاخذ بالظاهر، فلا حاجة إلى التمسك بأصالة عدم القرينة. (وبعبارة أخرى) الشك في وجود القرينة المنفصلة كافية في حجية الظواهر، بلا حاجة إلى إحراز عدم القرينة بالأصل، إذ البناء من العقلاء قد تحقق على الاخذ بالظواهر ما لم تحرز القرينة على الخلاف. هذا تمام الكلام في بحث الظواهر.
(١٣٠)