كثرة الاستعمال. وهذه الدلالة مما لا يرتبط بمحل كلامنا فعلا، ولا تترتب ثمرة على البحث عن انها هي الدلالة الوضعية أو غيرها.
(الدلالة الثانية) - دلالة اللفظ على كون المعنى مرادا للمتكلم بالإرادة الاستعمالية، أي دلالة اللفظ على أن المتكلم أراد تفهيم هذا المعنى واستعمله فيه، وهذه الدلالة تسمى عند القوم بالدلالة التصديقية، وعندنا بالدلالة الوضعية، كما عرفت. وكيف كان فهذه الدلالة تحتاج إلى احراز كون المتكلم بصدد التفهيم ومريدا له، فمع الشك فيه ليست للفظ هذه الدلالة، فضلا عما إذا علم عدم ارادته له، كما إذا علم كونه نائما مثلا، بل هذه الدلالة متوقفة على عدم نصب قرينة على الخلاف متصلة بالكلام، إذ مع ذكر كلمة (يرمى) في قولنا رأيت أسدا يرمي مثلا لا تكون كلمة أسد دالة على أن المتكلم أراد تفهيم الحيوان المفترس كما هو ظاهر.
(الدلالة الثالثة) - دلالة اللفظ على كون المعنى مرادا للمتكلم بالإرادة الجدية، وهي التي تسمى عندنا بالدلالة التصديقية في قبال الدلالة الوضعية، وعند القوم بالقسم الثاني من الدلالة التصديقية، وهي متوفقة على عدم نصب قرينة منفصلة على الخلاف أيضا، مضافا إلى عدم نصب قرينة متصلة، فان القرينة المنفصلة - وان لم تكن مانعة عن تعلق الإرادة الاستعمالية - كالقرينة المتصلة، ولذا ذكرنا في مبحث العالم والخاص ان المخصص المنفصل لا يكون كاشفا عن عدم استعمال العام في العموم، ليكون مجازا، إلا انها أي القرينة المنفصلة كاشفة عن عدم تعلق الإرادة الجدية بالمعنى المستعمل فيه. وبعبارة أخرى القرينة المنفصلة لا تكون مانعة عن انعقاد الظهور للكلام، بل مانعة عن حجية الظهور، بخلاف القرينة المتصلة، فإنها، مانعة عن انعقاد الظهور من أول الامر.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه إذا أحرز مراد المتكلم بأن علم عدم نصيب القرينة