بلا فرق بين من قصد افهامه ومن لم يقصد، و (أخرى) يكون أمرا خارجيا، كما إذا وقع التقطيع واحتمل سقوط القرينة معه، ويلحق بهذا الباب ما لو عرض علي السامع نوم أو سنة أثناء تكلم المتكلم، فاحتمل ذكر القرينة في هذا الحال، اما القسم الأول فلا ريب في تحقق بناء العقلاء على عدم الاعتناء بالاحتمال لكن لا ابتداء كما ذكره صاحب الكفاية (ره) بل بعد اجراء أصالة عدم القرينة كما ذكره الشيخ (ره) لان مورد بناء العقلاء هو الاخذ بالظاهر، فلابد من اثباته أولا باجراء أصالة عدم القرينة، ثم الحكم بحجية، واما القسم الثاني فالمشهور فيه أيضا عدم الاعتناء بالاحتمال إلا ان المحقق القمي (ره) منع فيه من الاخذ بما يكون اللفظ ظاهرا فيه على تقدير عدم وجود القرينة واقعا، وبنى عليه انسداد باب العلمي في الاحكام. لوقوع التقطيع في الاخبار. وما ذكره هو الصحيح من حيث الكبرى الكلية، إذا لم يثبت بناء من العقلاء على الاخذ بالظاهر التقديري، أي المعلق على عدم وجود القرينة واقعا، فلو وصل إليهم كتاب مزق بعضه لا يعملون بظاهر الباقي. مع احتمال وجود قرينة صارفة عن الظاهر في المقطوع. وكذا الحال فيما إذا عرض على العبد نوم أو سنة حين تكلم المولى. فليس له العمل بظاهر ما سمعه من الكلام مع احتمال فوات قرينة صارفة حين عروض النوم أو السنة له، إلا ان تطبيقها على المقام غير صحيح، ولا تنتج انسداد باب العلمي في الاحكام. لما ذكرناه سابقا من أن المقطعين للاخبار كانوا عارفين بأسلوب الكلام فلا تخفى عليهم القرائن الدالة على المراد بحسب المحاورات العرفية وكانوا في أعلى مراتب الورع والتقى فعدالتهم أو وثاقتهم مانعة عن إخفاء القرينة عمدا. ومعرفتهم بأسلوب الكلام والمحاورات العرفية مانعة عن إخفائها جهلا، فإذا نقلوا الاخبار بلا قرينة يؤخذ بظواهرها، ولا ينسد باب العلمي بالأحكام.
(١٢٩)