بمعنى السقط أمر موهوم لا حقيقة له، إذ القرآن قد بلغ من الأهمية عند المسلمين في زمان النبي صلى الله عليه وآله مرتبة حفظته الصدور زائدا على الكتابة، فكيف يمكن تحريفه حتى عن الصدور الحافظة له. والروايات الدالة على التحريف، إما ضعاف لا يعتمد عليها، وإما لا دلالة لها على التحريف بمعنى النقيصة، بل المراد منها التقديم والتأخير أو التأويل أو غير ذلك مما ذكرناه في كتابنا (البيان) فراجع.
و (ثانيا) - ان التحريف - على تقدير تسليم وقوعه - لا يقدح في الظهور للروايات الدالة على وجوب عرض الاخبار المتعارضة، بل مطلق الاخبار على كتاب الله، وعلى رد الشروط المخالفة للكتاب والسنة، فان هذه الروايات قد صدرت عن الصادقين عليهما السلام بعد التحريف على تقدير تسليم وقوعه، فيعلم من هذه الروايات ان التحريف على تقدير وقوعه غير قادح في الظهور.
وأما منع الكبرى ودعوى عدم حجية ظواهر الكتاب على فرض تسليم الظهور، فقد استدل له بوجهين: (الأول) - أن الله سبحانه منع من اتباع المتشابه بقوله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) والمتشابه ما كان ذا احتمالين قبالا للمحكم، وهو النص الذي لا يحتمل الخلاف، فيشمل الظواهر، ولا أقل من احتمال شمول المتشابه للظواهر، باعتبار ان المتشابه غير ظاهر المراد، ومجرد احتمال شموله لها يكفي في الحكم بعدم حجيتها، لان الحجية تحتاج إلى الامضاء ومع احتمال المنع لا يثبت الامضاء.
وفيه ان المتشابه هو التفاعل من الشبه، فيكون المراد منه كون الكلام ذا احتمالين متساويين، بحيث كان كل منهما شبيها بالآخر، فيكون المراد منه المجمل ولا يشمل الظواهر يقينا. ومع الغض عن ذلك والالتزام باحتمال الشمول نقول ان مجرد الاحتمال غير قادح في حجيتها، فإنها ثابتة ببناء العقلاء ما لم يثبت الردع عنها ومجرد احتمال الردع لا يكفي في رفع اليد عنها، مضافا إلى أن الروايات الدالة على