والنسبة بينهما من حيث المورد هي العموم من وجه لأنه تفترق أصالة عدم الغفلة عن أصالة الظهور في فعل صادر عن البالغ العاقل إذا احتمل صدوره منه غفلة وتفترق أصالة الظهور عن أصالة عدم الغفلة في كلام صادر عن النبي (ص) أو الإمام عليه السلام ، إذ لا يحتمل صدوره عن الغفلة. وتجتمعان في كلام صادر من أهل العرف في محاوراتهم. والمتحصل مما ذكرناه ان أصالة الظهور بنفسها من الأصول العقلائية ولا اختصاص لها بمن قصد افهامه، لان العقلاء يأخذون بالظواهر في باب الأقارير والوصايا ولو كان السامع غير مقصود بالافهام.
واما ما ذكره من جريان ديدن الأئمة عليهم السلام على الاتكال على القرائن المنفصلة، فهو وإن كان صحيحا، إلا أنه لا يقتضي اختصاص حجية الظهور بمن قصد إفهامه، بل مقتضاه الفحص عن القرائن، ومع عدم الظفر بها يؤخذ بالظهور، وأما ما ذكره في منع الصغرى من أن التقطيع مانع عن انعقاد الظهور ففيه أن ذلك يتم فيما إذا كان المقطع غير عارف بأسلوب الكلام العربي، أو غير ورع في الدين، إذ يحتمل حينئذ كون التقطيع موجبا لانفصال القرينة عن ذيها لعدم معرفة المقطع أو لتسامحه في التقطيع، وكلا هذين الأمرين منتفيان في حق الكليني (ره) وأمثاله من أصحاب الجوامع، فإذا نقلوا رواية بلا قرينة نطمئن بعدمها بل لا يبعد دعوى القطع به، إذ التقطيع إنما هو لارجاع المسائل إلى أبوابها المناسبة لها، مع عدم الارتباط بينها، لأن الرواة عند تشرفهم بحضرة الإمام عليه السلام كانوا يسألون عن عدة مسائل لأربط لاحداها بالأخرى، كما هو المتعارف في زماننا هذا في الاستفتاءات، فأتعب علماؤنا الاعلام أنفسهم في تبويب المسائل وارجاع كل مسألة إلى بابها المناسب لها مع الجهد والدقة، تسهيلا للامر على المراجعين، ولولا ذلك لزم الفحص من أول كتاب الكافي مثلا إلى