في تقريب هذا القول وجهان، ذكرهما شيخنا الأنصاري (ره): (الوجه الأول) - راجع إلى منع الكبرى، وانه لا حجية للظواهر بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام (الوجه الثاني) - راجع إلى منع الصغرى، وانه لا ينعقد ظهور للاخبار بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام.
(اما الوجه الأول) - فهو ان منشأ حجية الظواهر هي أصالة عدم الغفلة إذ بعد كون المتكلم في البيان كان احتمال إرادة خلاف الظاهر مستندا إلى احتمال غفلة المتكلم عن نصب القرينة، أو غفلة السامع عن الالتفات إليها، و الأصل عدم الغفلة في كل منهما. واما احتمال تعمد المتكلم في عدم نصب القرينة فهو مدفوع بأنه خلاف الفرض، إذ المفروض كونه في مقام البيان، فلا منشأ لاحتمال إرادة خلاف الظاهر إلا احتمال الغفلة من المتكلم أو من السامع، وهو مدفوع بالأصل المتحقق عليه بناء العقلاء. وهذا الأصل لا يجري بالنسبة إلى من لم يكن مقصودا بالافهام، لعدم انحصار الوجه لاحتمال إرادة خلاف الظاهر بالنسبة إليه في احتمال الغفلة، ليدفع بأصالة عدم الغفلة، إذ يحتمل اتكال المتكلم في ذلك على قرينة منفصلة، أو قرينة حالية كانت معهودة بينهما، وقد خفيت على من لم يكن مقصودا بالافهام فلا تجديه أصالة عدم الغفلة، ولا يجوز له التمسك بالظواهر. ثم انه على تقدير تسليم جريان أصالة الظهور - ولو لم يكن احتمال إرادة خلاف الظاهر مستندا إلى احتمال الغفلة - انما تجري أصالة الظهور فيما إذا لم يعلم أن ديدن المتكلم قد جرى على الاتكال على القرائن المنفصلة، واما مع العلم بذلك فلا تجري أصالة الظهور، ولا يجوز الاخذ بظاهر كلامه لغير المقصود بالافهام، ومن الواضح ان الأئمة عليهم السلام كثيرا ما كانوا يعتمدون على القرائن المنفصلة، وربما كانوا يؤخرون البيان عن وقت الخطاب، بل عن وقت الحاجة لمصلحة مقتضية لذلك، فكيف يمكن الاخذ بظاهر كلامهم (ع)