لا الظن، كما أنه في موارد جريان أصالة البراءة ليس الاعتماد - في ترك ما يحتمل الوجوب أو فعل ما يحتمل الحرمة - علي مجرد احتمال عدم الوجوب واحتمال عدم الحرمة، بل الاعتماد انما هو على دليل علمي دل على عدم لزوم الاعتناء باحتمال الوجوب أو الحرمة. فتحصل ان الآيات الشريفة ليست واردة لبيان حكم مولوي ليصح التمسك بها عند الشك في الحجية.
و (اما المقام الثاني) فملخص الكلام فيه ان ما ذكره المحقق النائيني (ره) - من أن تقديم أدلة حجية الامارات على الأدلة المانعة عن العمل بغير العلم انما هو من باب الحكومة لا التخصيص - وان كان صحيحا، إذ معنى حجية الامارة هو اعتبارها علما في عالم التشريع، فتخرج عن الأدلة المانعة عن العمل بغير العلم موضوعا، إلا ان ذلك لا يوجب عدم صحة التمسك بالعمومات المانعة عند الشك في الحجية ولا يكون الشك فيها من الشبهة المصداقية، إذ الحجية الواقعية مما لا يترتب عليه اثر ما لم تصل إلى المكلف، فالحكومة انما هي بعد الوصول، فالعمل بما لم تصل حجيته إلى المكلف عمل بغير علم، وان كان حجة في الواقع، إذ كونه حجة في الواقع - مع عدم علم المكلف بالحجة - لا يجعل العمل به عملا بالعلم كما هو ظاهر.
والذي يوضح لنا بل يدلنا على أن الحكومة انما هي في فرض الوصول لا مطلقا - وانه لا مانع من التمسك بالعمومات عند الشك في الحجية - انه لو كانت الحجة بوجودها الواقعي مانعة عن التمسك بالعمومات، لما صح التمسك بالأصول العملية في شئ من الموارد، لاحتمال وجود الحجة فيها، فيكون التمسك بأدلة الأصول معه من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، بلا فرق في ذلك بين الشبهات الحكمية والموضوعية، وبلا فرق بين الشك في وجود الحجة أو في حجية الموجود، مع أن الرجوع إلى الأصول العملية في الشبهات الحكمية والموضوعية مما لا إشكال فيه، وتسالم عليه الفقهاء، ومنهم المحقق النائيني