بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٢
قلت: ذلك لان الملازمة إنما تكون في مقام الاثبات والاستكشاف لا في مقام الثبوت، فعدم استقلال العقل إلا في حال غير ملازم لعدم حكم الشرع في غير تلك الحال، وذلك لاحتمال أن يكون ما هو ملاك حكم الشرع من المصلحة أو المفسدة التي هي ملاك حكم العقل، كان على حاله في كلتا الحالتين، وإن لم يدركه إلا في إحداهما، لاحتمال عدم دخل تلك الحالة فيه، أو احتمال أن يكون معه ملاك آخر بلا دخل لها فيه أصلا، وإن كان لها دخل فيما اطلع عليه من الملاك (1).
____________________
وبالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مقام، وعدم الملازمة بينهما في مقام آخر ((مع)) ان ((الملازمة بين الحكمين)) مما لا مجال للتخلف فيها.
(1) توضيحه يحتاج إلى بيان أمور: الأول: ان قضية حسن العدل وقبح الظلم مما لاشك للعقل فيها، وحكم الشرع مطابق لحكم العقل فيها.
الثاني: ان المدار في انطباق هذه القاعدة على الموضوعات يدور مدار العناوين المدرجة لها فيهما، فربما يكون الشيء الواحد حسنا بعنوان كالصدق الذي لم يتوقف عليه حفظ النفس مثلا، وربما يكون قبيحا كما فيما إذا توقف عليه حفظ النفس.
الثالث: ما عرفت من اختلاف المنتفى بين كونه مقوما وغير مقوم، والمجال للشك فيما إذا كان المنتفى غير المقوم.
الرابع: ان لازم هذه الأمور هو الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مقام الاثبات دون الثبوت والواقع، بمعنى انه إذا حكم العقل بحكم في هذه القضايا فلابد من حكم الشارع على طبقه، واما إذا لم يكن للعقل حكم في مقام الشك لكون المنتفى غير المقوم فاحتمال الثبوت وعدمه في وجدان العقل على السواء، وللشارع في هذا المقام الحكم اثباتا أو نفيا لاطلاعه على الواقعيات: من كون انتفاء غير المقوم تارة يكون غير موجب لنفي الحسن أو القبح المقطوع به في الزمن السابق قبل عروض الانتفاء، وأخرى يكون موجبا لارتفاع ما كان عليه من عنوان خاص موجب للحسن
(٣٦٢)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 354 358 359 361 362 365 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست