بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٦ - الصفحة ٢٦١
ولا يصغى إلى ما ربما قيل: بعدم وجود القاصر فيها، لكنه إنما يكون معذورا غير معاقب على عدم معرفة الحق، إذا لم يكن يعانده، بل كان ينقاد له على إجماله لو احتمله. هذا بعض الكلام مما يناسب المقام (1)،
____________________
إلى القصور عن غفلة بقوله: ((ان القاصر يكون في الاعتقاديات للغفلة)) وأشار إلى القصور لعدم الاستعداد بقوله: ((أو عدم الاستعداد للاجتهاد فيها لعدم وضوح الامر بمثابة)) يكون الجهل بها مسببا عن عدم الاستعداد لادراكها وهو الجاهل القاصر، وليس الجهل عنده مع الاستعداد حتى ((لا يكون الجهل بها الا عن تقصير)) كما في الجاهل المقصر، فان جهله بالأصول لما كان مع الاستعداد وعدم الغفلة فلا يكون جهله الا عن تقصير منه، ولذا لم يكن معذورا، بخلاف الجاهل القاصر فإنه معذور بحكم العقل، ولذا قال (قدس سره): ((فيكون معذورا عقلا)).
(1) لا يخفى انه انكر بعضهم وجود الجاهل القاصر خارجا، ولو كانت براهينه على انكاره لا يهتدى إلى الخدشة فيها لكانت من الشبهة في مقابل الوجدان والعيان، لما عرفت من وجود الجاهل القاصر خارجا وجدانا وعيانا... فكيف؟
وما ذكره من الأدلة على عدم وجود القاصر ظاهر الخدشة، فلا ينبغي ان يصغى إلى هذا الانكار وهذه الدعوى.
وعلى كل، فقد ادعي عدم وجود القاصر، وان المقصر على نوعين: نوع معذور غير معاقب وهو الذي يعقد قلبه على الواقع اجمالا حيث يحتمله، ونوع غير معذور ومعاقب وهو الذي مع احتماله لا يعقد قلبه على الواقع مع تركه للفحص عنه.
وما استدل به لهذه الدعوى أمور أهمها: قوله تعالى: [وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] (1) سواء كان المراد منها هي المعرفة أو العبادة، لوضوح كون الجاهل بالحق لا عبادة له للحق.

(1) الذاريات: الآية 56.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 260 261 262 263 265 266 268 ... » »»
الفهرست