فما يظهر من صاحب " المعالم " (1) (رحمه الله): من ترخيص الاستعمال في التثنية والجمع، قائلا: " إنه بنحو الحقيقة " وعدم الترخيص في المفرد، ظنا أنه بنحو المجاز، غير راجع إلى التحصيل، لا التفصيل في ذات المسألة، ولا تفصيله في أنه بنحو الحقيقة هناك، وبنحو المجاز في المفرد، وذلك لأن ما توهمه دليلا - " وهو أن الهيئة في التثنية والجمع، بمنزلة تكرار مدخولهما، فلو أطلق " العين " مرارا فقال: " جئني بعين وعين " وأراد منهما المعنيين فإنه جائز بالضرورة، وهكذا في التثنية والجمع، ويكون بنحو الحقيقة بالبداهة، بخلاف المفرد، للزوم استعماله في غير ما هو الموضوع له، وهو المعنى المقيد بالوحدة، أو يلزم كون الاستعمال مجازيا، لتقيد ذلك بإرادة المعنى الواحد، كما لا يخفى " - غير موافق للتحقيق أولا، كما عرفت.
وثانيا: لو كان الأمر كما تخيله، فليس هذا من التفصيل في المسألة، لأن تكرار اللفظ، وإرادة المعنيين من كل واحد منهما، صحيح بالضرورة، وليس من استعمال اللفظ الواحد في المعنيين.
وثالثا: ليس هذا من التكرار حقيقة، فيلزم استعمال مادة التثنية والجمع مجازا، لأنه من قبيل استعمال المفرد، كما لا يخفى.
أقول: ربما يخطر بالبال دعوى: أن الهيئة في التثنية والجمع، وضعت للدلالة على الكثرة الواحدة، أي تدل على تعدد المدخول بنوع من الكثرة، فلا تدل على كثرتين: كثرة نوعية، وكثرة فردية، فإذا قال رأيت: " عينين " أو " العيون " فإما يكون مفاده الكثرة الأفرادية من الجارية، أو الكثرة الأنواعية من الجارية والباكية، وأما دلالتهما على الكثرة الأفرادية والأنواعية، فهي ممنوعة، والاستعمال في الأكثر هنا يستلزم الجمع.
وفيه: أنها تدل على الكثرة الأفرادية، وأما الكثرة الأنواعية فهي أريدت من