ولأن الإتيان بالقرينة على وجه يستحسنه الطبع، غير ميسور، والتصريح بإرادة المعنيين، خروج عن الاستعمال المتعارف العقلائي.
وتوهم انتقاض ما مر: بأن الجمع بين المجاز والحقيقة لو كان غير ممكن، يلزم ذلك في أصل المسألة، لأن الجمع بين المثلين غير ممكن كالضدين (1)، في غير محله، لأن الاستعمال في الأكثر ليس استعمالا متعددا، بل هو استعمال حقيقي واحد في المعنيين الحقيقيين، وفيما نحن فيه استعمال حقيقي ومجازي في المعنيين:
الحقيقي والمجازي.
فما في حاشية العلامة الأصفهاني نقضا على صاحب " المحجة " (2) غير مرضي، ضرورة عدم تكرار وصف الحقيقة بتعدد المستعمل فيه، لوجود الجامع.
ومما ذكرنا يظهر حال الاستعمال الكنائي، فإن الكناية حقيقتها إطلاق اللفظ وإرادة لازم المعنى المطابقي، فإرادة المعنى المطابقي والالتزامي وإن لم تكن ممتنعة، ولكنها خلاف التعهد في الاستعمال.
أقول: ليس المجاز إلا استعمال اللفظ في الموضوع له وإرادة ذلك المعنى، بدعوى أن المعنى المنطبق عليه اللفظ - بماله من المعنى - من مصاديق ذلك المعنى حقيقة وادعائية، فلا يلزم الجمع بين الأوصاف المتقابلة.
ولك دفع الشبهة: بأن هذه الأوصاف اعتبارية، ولا مانع من الجمع بينها، فلا استحالة حتى على القول بالاستحالة في أصل المسألة، لعدم لزوم الاستعمال في الأكثر من معنى واحد في المجاز والحقيقة.
وأما المنع العقلائي عن ذلك حتى في الشعر والخطابة، فهو في غير محله، لإمكان ذلك بوجه يساعده الذوق، فيقول مثلا: " لا أجد فارقا بين آساد بلدتكم إلا