فلا شبهة في أن العقل يمنع عن إمكان انتزاع المفاهيم من الذوات الخالية عن الأوصاف والمبادئ، ولو كان ذلك صحيحا لكان يجوز انتزاع كل شئ من كل شئ، فيعلم من ذلك: أن الذات الفاقدة فعلا لكل مبدأ، غير قابلة لنيل المشتق منها، لأن العناوين الانتزاعية معاليل لمناشئ انتزاعها.
وقد يتوهم: " أن عروض المبدأ والصفة، سبب حدوثا وبقاء لصحة الانتزاع، ولامكان نيل النفس من الموضوع عنوانا زائدا على ذاته " (1).
وهذا بتقريب: أن تلك الصفة، تورث حدوث الحيثية الزائدة على الذات الباقية ببقائها، وهي الحيثية الاعتبارية الباقية في جميع الأزمنة، ويكون النزاع على هذا صغرويا، وهو كفاية تلك الحيثية الباقية، وعدم كفايتها.
وأنت خبير بما أفاده السيد الأستاذ البروجردي (رحمه الله) (2) فإنه واضح المنع، لعدم حيثية اعتبارية باقية، ضرورة أن القيام المضمحل والمنعدم، لا يعقل بقاء حيثية له في الجسم، وهكذا في السواد، لأن تلك الحيثية - لا محالة - ليست اعتبارية محضة، بل هي موجودة في الجسم، فلا يعقل اتصافه بالصفات المضادة، للزوم الجمع بين الضدين.
هذا مع أن الضرورة قاضية بأن النزاع لغوي، قضاء لحق الأدلة القائمة في المسألة، ولحق عنوان البحث. ولو كانت القابلية كافية للبحث، لما كان وجه لخروج المتلبس في المستقبل عن حريم النزاع، فلا تكون تلك القابلية سببا لإمكان إجراء المشتق على الذات الفاقدة.
وإن قلنا: بأن البحث لغوي، فلا بد من تصوير الجامع بين الفاقد والواجد، أو الالتزام بالاشتراك اللفظي، والثاني يورث سقوط البحث كما لا يخفى، فيتعين