وضروبه، فهو أمر كددنا فيه أنفسنا، وأسهرنا أعيننا، حتى استقام على هذا الأمر، فإن وقع لأحد ممن يأتي بعدنا زيادة أو إصلاح فليصلحه، أو خلل فليسده " (1) انتهى.
وأيضا يشهد له: خلو الكتب المدونة في العلوم العصرية عن ذكر الموضوع على حدة، بل العلم عبارة عن عدة مسائل مرتبطة.
ومما يشهد له: أن كثرة المسائل وتراكم المباحث، تورث تكثر العلم الواحد إلى العلوم الكثيرة، فيكون بدن الانسان الذي كان موضوعا للعلم الواحد، موضوعات للعلوم المختلفة، ويتخرج من كل جامعة متخصص في المسائل المرتبطة بعضو دون عضو، بحيث تكون تلك المسائل المتسانخة معها في العصر الأول، متخالفة بعضها مع بعض في العصور المتأخرة.
وهذا أعظم شاهد على أن الموضوع للعلم غير محتاج إليه، فلا وجه لما ارتكبه القوم في المقام، فليتدبر، فإنه مزال الأقدام.
ثم إن الذي يلجئه إلى الانكار المزبور، عدم إمكان تصوير الموضوع بالمعنى المعروف بينهم: " من أنه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية. ونسبة الموضوع إلى موضوع المسائل نسبة الكلي إلى مصاديقه، والطبيعي إلى أفراده " (2) ضرورة أن من العلوم ما هو المتحد موضوع علمه ومسألته ذاتا وعنوانا، كعلم العرفان، بل والفلسفة العليا، لأن موضوعه " الوجود " بالوحدة الشخصية لا الوحدة السنخية، فإن الوجودات ليست عند المحققين منهم متباينات (1). ومن العلوم ما هو موضوعه الكل،