شهيدا * ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن قوله: * (وإن منكم) * يجب أن يكون راجعا إلى المؤمنين الذين ذكرهم الله بقوله: * (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) * واختلفوا على قولين: الأول: المراد منه المنافقون كانوا يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فان قيل: قوله: * (وإن منكم لمن ليبطئن) * تقديره: يا أيها الذين آمنوا إن منكم لمن ليبطئن، فإذا كان هذا المبطئ منافقا فكيف جعل المنافق قسما من المؤمن في قوله: * (وإن منكم) *.
والجواب من وجوه: الأول: أنه تعالى جعل المنافق من المؤمنين من حيث الجنس والنسب والاختلاط. الثاني: أنه تعالى جعلهم من المؤمنين بحسب الظاهر لأنهم كانوا في الظاهر متشبهين بأهل الايمان. الثالث: كأنه قيل: يا أيها الذين آمنوا في زعمكم ودعواكم كقوله: * (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) * (الحجر: 6). القول الثاني: أن هؤلاء المبطئين كانوا ضعفة المؤمنين وهو اختيار جماعة من المفسرين قالوا: والتبطئة بمعنى الابطاء أيضا، وفائدة هذا التشديد تكرر الفعل منه. وحكى أهل اللغة أن العرب تقول: ما أبطأ بك يا فلان عنا، وإدخالهم الباء يدل على أنه في نفسه غير متعد، فعلى هذا معنى الآية أن فيهم من يبطئ عن هذا الغرض ويتثاقل عن هذا الجهاد، فإذا ظفر المسلمون تمنوا أن يكونوا معهم ليأخذوا الغنيمة، وان أصابتهم مصيبة سرهم أن كانوا متخلفين. قال: وهؤلاء هم الذين أرادهم الله بقوله: * (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) * قال: والذي يدل على أن المراد بقوله: * (ليبطئن) * الابطاء منهم لا تثبيط غيرهم، ما حكاه تعالى من قولهم: * (يا ليتني كنت معهم) * عند الغنيمة، ولو كان المراد منه تثبيط الغير لم يكن لهذا الكلام معنى. وطعن القاضي في هذا القول وقال: انه تعالى حكى عن هؤلاء المبطئين أنهم يقولون عند مصيبة المؤمنين: * (قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا) * فيعد قعوده عن القتال نعمة من الله تعالى، ومثل هذا الكلام