(أزواجا) نساء (ومن الأنعام أزواجا) أصنافا ذكورا وإناثا، والمعنى أنه خلق لكم الذكر والأنثى من الحيوان كله (يذرؤكم) فيها ثلاثة أقوال.
أحدها: يخلقكم، قاله السدي.
والثاني: يعيشكم، قاله مقاتل.
والثالث: يكثركم، قاله الفراء. وفي قوله (فيه) قولان:
أحدهما: أنها على أصلها، قاله الأكثرون. فعلى هذا في هاء الكناية ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها ترجع إلى في بطون الإناث وقد تقدم ذكر الأزواج، قاله زيد بن أسلم. فعلى هذا يكون المعنى: يخلقكم في بطون النساء، وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة، فقال: يخلقكم في الرحم أو في الزوج، وقال ابن جرير: يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم، ويعيشكم فيما جعل لكم من الأنعام.
والثاني: أنها ترجع إلى الأرض، قاله ابن زيد، فعلى هذا يكون المعنى: يذرؤكم فيما خلق من السماوات والأرض.
والثالث: أنها ترجع إلى الجعل المذكور، ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: يعيشكم فيما جعل من الأنعام، قاله مقاتل، والثاني: يخلقكم في هذا الوجه الذي ذكر من جعل الأزواج، قاله الواحدي.
والقول الثاني: أن " فيه " بمعنى " به "، والمعنى: يكثركم بما جعل لكم، قاله الفراء، والزجاج.
قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) قال ابن قتيبة: أي: ليس كهو شيء، والعرب تقيم المثل مقام النفس، فتقول: مثلي لا يقال له هذا، أي: أنا يقال لي هذا. وقال الزجاج: الكاف مؤكدة، والمعنى: ليس مثله شيء، وما بعد هذا قد سبق بيانه إلى قوله: (شرع لكم) أي: بين وأوضح (من الدين وما وصى به نوحا) وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه تحليل الحلال وتحريم الحرام، قاله قتادة.
والثاني: تحريم الأخوات والأمهات، قاله الحكم.
والثالث: التوحيد وترك الشرك.
قوله تعالى: (والذي أوحينا إليك) أي: من القرآن وشرائع الإسلام. قال الزجاج: المعنى:
وشرع الذي أوحينا إليك وشرع لكم ما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى. وقوله: (أن أقيموا الدين)