الصلصال والجان. فأما قوله: (كالفخار) فقال أبو عبيدة: خلق من طين يابس لم يطبخ، فله صوت إذا نقر، فهو من يابسه كالفخار، والفخار: ما طبخ بالنار.
وأما المارج، فقال ابن عباس: هو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وقال مجاهد: هو المختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت. وقال: هو لهب النار الصافي من غير دخان. وقال أبو عبيدة: المارج: خلط النار. وقال ابن قتيبة: المارج: لهب النار، من قولك: قد مرج الشيء: إذا اضطرب ولم يستقر، وقال الزجاج: هو اللهب المختلط بسواد النار.
وإن قيل: قد أخبر الله تعالى عن خلق آدم بألفاظ مختلفة، فتارة يقول: " خلقه من تراب "، وتارة: " من صلصال "، وتارة: " من طين لازب "، وتارة: " كالفخار "، وتارة: " من حمأ مسنون "، فالجواب: أن الأصل التراب فجعل طينا، ثم صار كالحمأ المسنون، ثم صار صلصالا كالفخار، هذه أخبار عن حالات أصله. فإن قيل: ما الفائدة في تكرار قوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " الجواب أن ذلك التكرير لتقرير النعم وتأكيد التذكير بها. قال ابن قتيبة: من مذاهب العرب التكرار للتوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار للتخفيف والإيجاز، لأن افتنان المتكلم والخطيب في الفنون أحسن من اقتصاره في المقام على فن واحد، يقول القائل: والله لا أفعله، ثم والله لا أفعله، إذا أراد التوكيد وحسم الأطماع من أن يفعله، كما تقول: والله أفعله، بإضمار " لا " إذا أراد الاختصار، ويقول القائل للمستعجل:
اعجل اعجل وللرامي: ارم ارم، قال الشاعر:
كم نعمة كانت له وكم وكم وقال الآخر:
هلا سألت جموع كندة * يوم ولوا أين أينا