أحكام القرآن - الجصاص - ج ١ - الصفحة ٨٦
من العراقيين، أن القاضي إذا كان عدلا في نفسه فولي القضاء من قبل إمام جائر أن أحكامه نافذة وقضاياه صحيحة وأن الصلاة خلفهم جائزة مع كونهم فساقا وظلمة. وهذا مذهب صحيح ولا دلالة فيه على أن من مذهبه تجويز إمامة الفاسق، وذلك لأن القاضي إذا كان عدلا فإنما يكون قاضيا بأن يمكنه تنفيذ الأحكام وكانت له يد وقدرة على من امتنع من قبول أحكامه حتى يجبره عليها، ولا اعتبار في ذلك بمن ولاه لأن الذي ولاه إنما هو بمنزلة سائر أعوانه، وليس شرط أعوان القاضي أن يكونوا عدولا، ألا ترى أن أهل بلد لا سلطان عليهم لو اجتمعوا على الرضا بتولية رجل عدل منهم القضاء حتى يكونوا أعوانا له على من امتنع من قبول أحكامه لكان قضاؤه نافذا وإن لم يكن له ولاية من جهة إمام ولا سلطان؟ وعلى هذا تولى شريح وقضاة التابعين القضاء من قبل بني أمية، وقد كان شريح قاضيا بالكوفة إلى أيام الحجاج، ولم يكن في العرب ولا آل مروان أظلم ولا أكفر ولا أفجر من عبد الملك، ولم يكن في عماله أكفر ولا أظلم ولا أفجر من الحجاج. وكان عبد الملك أول من قطع ألسنة الناس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صعد المنبر فقال: (إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف - يعني عثمان - ولا بالخليفة المصانع - يعني معاوية - وإنكم تأمروننا بأشياء تنسونها منه في أنفسكم، والله لا يأمرني أحد بعد مقامي هذا بتقوى الله إلا ضربت عنقه!) وكانوا يأخذون الأرزاق من بيوت أموالهم. وقد كان المختار الكذاب يبعث إلى ابن عباس ومحمد ابن الحنفية وابن عمر بأموال، فيقبلونها. وذكر محمد بن عجلان عن القعقاع قال: كتب عبد العزيز بن مروان إلى ابن عمر: (ارفع إلي حوائجك!) فكتب إليه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن اليد العليا خير من اليد السفلى) وأحسب أن اليد العليا يد المعطي وأن اليد السفلى يد الآخذ، وإني لست سائلك شيئا ولا راد عليك رزقا رزقنيه الله منك، والسلام.
وقد كان الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وسائر التابعين يأخذون أرزاقهم من أيدي هؤلاء الظلمة، لا على أنهم كانوا يتولونهم ولا يرون إمامتهم، وإنما كانوا يأخذونها على أنها حقوق لهم في أيدي قوم فجرة، وكيف يكون ذلك على وجه موالاتهم وقد ضربوا وجه الحجاج بالسيف، وخرج عليه من القراء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالأهواز ثم بالبصرة ثم بدير الجماجم من ناحية الفرات بقرب الكوفة وهم خالعون لعبد الملك بن مروان لاعنون لهم متبرئون منهم! وكذلك كان سبيل من قبلهم مع معاوية حين تغلب على الأمر بعد قتل علي عليه السلام. وقد كان الحسن والحسين يأخذان العطاء وكذلك من كان في ذلك العصر من الصحابة، وهم غير متولين له بل متبرئون منه على السبيل التي كان عليها علي
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف رحمه الله تعالى 3
2 ترجمة المصنف رحمه الله تعالى 5
3 باب القول في بسم الله الرحمن الرحيم 7
4 باب القول في أنها من القرآن 8
5 القول في أنها من فاتحة الكتاب 8
6 باب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة 19
7 باب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة 30
8 من سورة البقرة مطلب في أن عقوبات الدنيا غير موضوعة على مقادير الأجرام، وإنما هي على ما يعلمه الله تعالى من المصالح فيها 34
9 مطلب في أمر الله تعالى باستعمال الحجج العقيلة والاستدلال بها 36
10 باب السجود لغير الله تعالى 38
11 مطلب يحتج بقوله تعالى: (فبدل الذين ظلموا) الآية على أن الأذكار توقيفية لا يجوز تغيرها 41
12 مطلب دل قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك) على جواز الاجتهاد 49
13 باب السحر وحكم الساحر 59
14 باب اختلاف الفقهاء في حكم الساحر وقول السلف فيه 61
15 مطلب في أن ثبوت السحر يكون إما باقتصاص الأثر وتتبعه وإما بالإخبار 70
16 باب في نسخ القرآن بالسنة وذكر وجوه النسخ 80
17 مطلب في الحث على نظافة البدن والثياب 94
18 باب ذكر صفة الطواف 106
19 باب القول في صحة الإجماع 108
20 مطلب يستحيل وجود النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم 109
21 باب استقبال القبلة 112
22 باب وجوب ذكر الله تعالى 112
23 مطلب في أن الإنسان هو الروح 113
24 مطلب في أن الإنسان هو الروح 116
25 باب السعي بين الصفا والمروة 120
26 باب طواف الراكب 121
27 باب في النهي عن كتمان العلم 123
28 باب لعن الكفار 128
29 باب إباحة ركوب البحر 130
30 باب تحريم الميتة 133
31 باب أكل الجراد 135
32 باب ذكاة الجنين 140
33 باب جلود الميتة إذا دبغت 143
34 باب تحريم الانتفاع بدهن الميتة 143
35 مطلب: الدهن المتنجس بجوز الانتفاع به بغير الأكل ويجوز بيعه بشرط بيان عيبه 143
36 باب القدر يقع فيها الطير فيموت 145
37 باب القدر يقع فيها الطير فيموت 146
38 باب منفحة الميتة ولبنها 147
39 باب شعر الميتة وصوفها والفراء وجلود السباع 150
40 باب تحريم الدم 151
41 باب تحريم الخنزير 153
42 باب تحريم ما أهل به لغير الله 154
43 باب ذكر الضرورة المبيحة لأكل الميتة 157
44 باب المضطر إلى شرب الخمر 158
45 باب في مقدار ما يأكل المضطر 159
46 باب هل في المال حق واجب سوى الزكاة 162
47 باب القصاص 165
48 مسألة في قتل الحر بالعبد 167
49 باب قتل المولى لعبده 169
50 باب القصاص بين الرجال والنساء 171
51 باب قتل المؤمن بالكافر 176
52 باب قتل الوالد بولده 178
53 باب الرجلين يشتركان في قتل رجل 181
54 مطلب في أن العلل الشرعية يجب إطرادها ولا يجب انعكاسها 183
55 باب ما يجب لولي قتيل العمد 192
56 باب العاقلة هل تعقل العمد 195
57 باب كيفية القصاص 199
58 باب القول في وجوب الوصية 204
59 باب الوصية للوارث إذا أجازتها الورثة 206
60 باب تبديل الوصية 209
61 باب الشاهد والوصي إذا علما الجور في الوصية 211
62 باب فرض الصيام 217
63 ذكر اختلاف الفقهاء في الشيخ الفاني 220
64 باب الحامل والمرضع 225
65 باب ذكر اختلاف الفقهاء فيمن جن رمضان كله أو بعضه 227
66 باب الغلام يبلغ والكافر يسلم في بعض رمضان 244
67 باب كيفية شهود الشهر 252
68 باب قضاء رمضان 254
69 باب جواز تأخير قضاء رمضان 259
70 باب الصيام في السفر 262
71 باب من صام في السفر ثم أفطر 263
72 باب المسافر يصوم رمضان عن غيره 267
73 باب في عدد قضاء رمضان 274
74 باب الأكل والشرب والجماع ليلة الصيام 283
75 باب لزوم صوم التطوع بالدخول فيه 294
76 باب الاعتكاف 297
77 باب الاعتكاف هل يجوز بغير صوم 299
78 باب ما يجوز للمعتكف أن يفعله 303
79 باب ما يحله حكم الحاكم ومالا يحله 311
80 باب فرض الجهاد 319
81 باب العمرة هي فرض أن تطوع 330
82 باب المحصر أين يذبح الهدي 332
83 باب وقت ذبح هدي الإحصار 336
84 باب ما يجب على المحصر بعد إحلاله من الحج بالهدي 339
85 باب المحصر لا يجد هديا 340
86 باب إحصار أهل مكة 340
87 باب التمتع بالعمرة إلى الحج 343
88 باب التمتع بالعمرة إلى الحج 350
89 باب ذكر اختلاف أهل العلم في حاضري المسجد الحرام 355
90 باب صوم التمتع 357
91 باب المتمتع إذا لم يصم قبل يوم النحر 359
92 ذكر اختلاف الفقهاء فيمن دخل في صوم المتعة ثم وجد الهدي 363
93 باب الإحرام بالحج قبل أشهر الحج 374
94 باب التجارة في الحج 375
95 باب الوقوف بعرفة 378
96 باب الوقوف بجمع 382
97 باب أيام منى والنفر فيها 387
98 باب من يبدأ به في النفقة عليه 390
99 باب تحريم الخمر 398
100 باب تحريم الميسر 399
101 باب التصرف في مال اليتيم 402
102 باب نكاح المشركات 407
103 باب الحيض 410
104 باب بيان معني الحيض ومقداره 417
105 ذكر الاختلاف في أقل مدة الطهر 418
106 ذكر الاختلاف في الطهر العارض في حال الحيض 430
107 باب الإيلاء 440
108 باب الأقراء 453
109 باب حق الزوج على المرأة وحق المرأة على الزوج 458
110 باب عدد الطلاق 466
111 باب ذكر الاختلاف في الطلاق بالرجال 467
112 ذكر الحجاج لإيقاع الطلاق الثلاث معا 473
113 باب الخلع 475
114 ذكر اختلاف السلف وسائر فقهاء الأمصار فيما يحل أخذه بالخلع 481
115 باب المضارة في الرجعة 483
116 باب النكاح بغير ولي 485
117 ذكر الاختلاف في ذلك 488
118 باب الرضاع 496
119 ذكر اختلاف الفقهاء في وقت الرضاع 501
120 ذكر عدة المتوفى عنها زوجها 506
121 ذكر الاختلاف في خروج المعتدة من بيتها 508
122 ذكر إحداد المتوفى عنها زوجها 510
123 باب التعريض بالخطبة في العدة 518
124 باب متعة المطلقة 528
125 ذكر تقدير المتعة الواجبة 529
126 ذكر اختلاف أهل العلم في الطلاق بعد الخلوة 536
127 باب الصلاة الوسطى وذكر الكلام في الصلاة 545
128 باب الفرار من الطاعون 553
129 باب الامتنان بالصدقة 554
130 باب المكاسبة 558
131 باب إعطاء المشرك من الصدقة 560
132 مطلب في جواز الاستدلال بالسيما والأمارة 563
133 باب الربا 564
134 من أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان 565
135 من أبواب الربا الدين بالدين 566
136 من أبواب الربا الذي تضمنت الآية تحريمه 568
137 باب البيع 583
138 باب عقود المداينات 593
139 ذكر اختلاف فقهاء الأمصار في الحجر على السفيه 618
140 من هذا الباب أيضا شهادة أحد الزوجين للأخر 619
141 من هذا الباب أيضا شهادة الأجيرة 623
142 باب الشاهد واليمين 634
143 باب الرهن 635
144 ذكر اختلاف الفقهاء في رهن المشاع 638
145 باب ضمان الرهن 644