الحرم وشجره ووجوب الجزاء على قتله أو قطعه.
قوله تعالى: (واتخذوا الذي من مقام إبراهيم مصلى) يدل على لزوم ركعتي الطواف، وذلك لأن قوله تعالى (مثابة للناس) لما اقتضى فعل الطواف ثم عطف عليه قوله:
(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وهو أمر ظاهره الإيجاب، دل ذلك على أن الطواف موجب للصلاة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه أراد به صلاة الطواف، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال:
حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر - وذكر حجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله: (استلم النبي صلى الله عليه وسلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت وصلى ركعتين).
فلما تلا عليه السلام عند إرادته الصلاة خلف المقام: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) دل ذلك على أن المراد بالآية فعل الصلاة بعد الطواف، وظاهره أمر فهو على الوجوب.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاهما عند البيت، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال:
حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال: حدثني يحيى بن سعيد قال:
حدثنا السائل عن محمد المخزومي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن السائب عن أبيه، أنه كان يقود ابن عباس فيقيمه عند الشقة الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجر مما يلي الباب فيقول ابن عباس: (أثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ههنا فيقوم فيصلي). فدلت هذه الآية على وجوب صلاة الطواف، ودل فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها تارة عند المقام وتارة عند غيره على أن فعلها عنده ليس بواجب.
وروى عبد الرحمن القاري عن عمر أنه طاف بعد صلاة الصبح، ثم ركب وأناخ بذي طوى، فصلى ركعتي طوافه. وعن ابن عباس أنه صلاها في الحطيم. وعن الحسن وعطاء أنه إن لم يصل خلف المقام أجزأ.
وقد اختلف السلف في المراد بقوله تعالى: (مقام إبراهيم) فقال ابن عباس:
(الحج كله مقام إبراهيم). وقال عطاء: (مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار). وقال مجاهد: (الحرم كله مقام إبراهيم). وقال السدي: (مقام إبراهيم هو الحجر الذي كانت زوجة إسماعيل وضعته تحت قدم إبراهيم حين غسلت رأسه، فوضع إبراهيم رجله عليه وهو راكب فغسلت شقه ثم رفعته من تحته وقد غابت رجله في الحجر، فوضعته تحت الشق الآخر فغسلته فغابت رجله أيضا فيه، فجعلها الله من شعائره فقال: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى). وروي نحوه عن الحسن وقتادة والربيع بن أنس.