وتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم في إحفاء الشارب الإطار، وكان يكره أن يؤخذ من أعلاه، وإنما كان يوسع في الإطار منه فقط، وذكر عنه أشهب قال: وسألت مالكا عمن أحفى شاربه قال: رأى أن يوجع ضربا، ليس حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الإحفاء كان يقول ليس يبدي حرف الشفتين الإطار، ثم قال: يحلق شاربه، هذه بدع تظهر في الناس، كان عمر إذا حزبه أمر نفخ فجعل يفتل شاربه. وسئل الأوزاعي عن الرجل يحلق رأسه، فقال: إما في الحضر لا يعرف إلا في يوم النحر، وهو في العرف. وكان عبدة بن أبي لبابة يذكر فيه فضلا عظيما، وقال الليث: لا أحب أن يحلق أحد شاربه حتى يبدوا الجلد، وأكرهه، ولكن يقص الذي على طرف الشارب، وأكره أن يكون طويل الشارب. وقال إسحاق بن أبي إسرائيل: سألت عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود عن حلق الرأس فقال: أما بمكة فلا بأس به، لأنه بلد الحلق، وأما في غيره من البلدان فلا.
قال أبو جعفر: ولم نجد في ذلك عن الشافعي شيئا منصوصا، وأصحابه الذين رأيناهم: المزني والربيع، كانا يحفيان شواربهما، فدل على أنهما أخذا ذلك عن الشافعي.
وقد روت عائشة وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الفطرة عشرة) منها قص الشارب.
وروى المغيرة بن شعبة (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من شواربه على سواك). وهذا جائز مباح، وإن كان غيره أفضل. وجائز أن يكون فعله لعدم آلة الإحفاء في الوقت. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجز شاربه)، وهذا يحتمل الإحفاء. وروى عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحفوا الشارب واعفوا اللحى) وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى) وهذا يحتمل الإحفاء أيضا. وروى عمر بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحفوا الشارب واعفوا اللحى) وهذا يدل على أن مراده بالخبر الأول الإحفاء، والإحفاء يقتضي ظهور الجلد بإزالة الشعر، كما يقال: رجل حاف، إذا لم يكن في رجله شئ، ويقال حفيت رجله وحفيت الدابة، إذا أصاب أسفل رجلها وهن من الحفاء. قال: وروي عن أبي سعيد الخدري وأبي أسيد ورافع بن خديج وسهل بن سعد وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة، أنهم كانوا يحفون شواربهم. وقال إبراهيم بن محمد بن خطاب: رأيت ابن عمر يحلق شاربه كأنه ينتفه، وقال بعضهم: حتى يرى بياض الجلد.