عن محمد في الحجر بمثل قول أبي يوسف فيه، ويزيد عليه أنه إذا صار في الحال التي يستحق معها الحجر صار محجورا عليه حجر القاضي عليه مع ذلك أو لم يحجر. وكان أبو يوسف يقول: (لا يكون محجورا عليه بحدوث هذه الأحوال فيه حتى يحجر القاضي عليه فيكون بذلك محجورا عليه). وقال محمد: (إذا بلغ ولم يؤنس منه رشد لم يدفع إليه ماله ولم يجز بيعه ولا هبته وكان بمنزلة من لم يبلغ، فما باع أو اشترى نظر الحاكم فيه فإن رأى إجازته أجازه، وهو ما لم يؤنس منه رشد بمنزل الصبي الذي لم يبلغ إلا أنه يجوز لوصي الأب أن يشتري ويبيع على الذي لم يبلغ ولا يجوز أن يبيع ويشتري على الذي بلغ إلا بأمر الحاكم) وذكر ابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك قال: (ومن أراد الحجر على موليه فليحجر عليه عند السلطان حتى يوقفه للناس ويسمع منه في مجلسه ويشهد على ذلك، ويرد بعد ذلك ما بويع وما أدان به السفيه، فلا يلحقه ذلك إذا صلحت حاله وهو مخالف للعبد، وإن مات المولى عليه وقد أدان فلا يقضي عنه وهو في موته بمنزلته في حياته إلا أن يوصي بذلك في ثلاثة فيكون ذلك له، وإذا بلغ الولد فله أن يخرج عن أبيه وإن كان أبوه شيخا ضعيفا إلا أن يكون الابن مولى عليه أو سفيها أو ضعيفا في عقله فلا يكون له ذلك). وقال الفريابي عن الثوري في قوله تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) [النساء: 6] قال: (العقل والحفظ لماله) وكان يقوله: (إذا اجتمع فيه خصلتان إذا بلغ الحلم وكان حافظا لما له لا يخدع عنه). وحكى المزني عن الشافعي في مختصره قال: (وإنما أمر الله بدفع أموال اليتامى بأمرين لم يدفع إلا بهما، وهما البلوغ والرشد، والرشد الصلاح في الدين بكون الشهادة جائزة مع إصلاح المال، والمرأة إذا أونس منها الرشد دفع إليها مالها تزوجت أو لم تتزوج، كالغلام نكح أو لم ينكح، لأن الله تعالى سوى بينهما ولم يذكر تزويجا، وإذا حجر عليه الإمام في سفهه وإفساده ماله أشهد على ذلك، فمن بايعه بعد الحجر فهو المتلف لماله، ومتى أطلق عنه الحجر ثم عاد إلى حال الحجر حجر عليه، ومتى رجع إلى حال الإطلاق أطلق عنه).
قال أبو بكر: قد بينا ما احتج به كل فريق من مبطلي الحجر ومن مثبتيه من دلالة آية الدين، وقد بينا أن الأظهر من دلالتها بطلان الحجر وجواز التصرف. واحتج مثبتو الحجر بما روى هشام بن عروة عن أبيه: (أن عبد الله بن جعفر أتى الزبير فقال: إني ابتعت بيعا ثم إن عليا يريد أن يحجر علي. فقال الزبير: فإني شريكك في البيع، فأتى على عثمان فسأله أن يحجر على عبد الله بن جعفر، فقال الزبير: أنا شريكه في هذا البيع، فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير!) قالوا: فهذا يدل على أنهم