المتاع للمطلقة واجبا ولكأنها أبي تخصيص من الله وفضل). وروى عطاء عن ابن عباس قال:
(إذا فرض الرجل وطلق قبل أن يمس فليس لها إلا المتاع). وقال محمد بن علي:
(المتعة التي لم يفرض لها، والتي قد فرض لها ليس لها متعة). وذكر محمد بن إسحاق عن نافع قال: (كان ابن عمر لا يرى للمطلقة متعة واجبة إلا للتي أنكحت بالعوض ثم يطلقها قبل أن يدخل بها). وروى معمر عن الزهري قال: (متعتان إحداهما يقضي بها السلطان والأخرى حق على المتقين: من طلق قبل أن يفرض ولم يدخل أخذ المتعة لأنه لا صداق عليه، ومن طلق بعد ما يدخل أو يفرض فالمتعة حق عليه)، وعن مجاهد نحو ذلك. فهذا قول السلف فيها. وأما فقهاء الأمصار فإن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا وزفر قالوا: (المتعة واجبة للتي طلقها قبل الدخول ولم يسم لها مهرا، وإن دخل بها فإنه يمتعها ولا يجبر عليها) وهو قول الثوري والحسن بن صالح والأوزاعي، إلا أن الأوزاعي زعم أن أحد الزوجين إذا كان مملوكا لم تجب المتعة وإن طلقها قبل الدخول ولم يسم لها مهرا. وقال بن أبي ليلى وأبو الزناد: (المتعة ليست واجبة إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ولا يجبر عليها) ولم يفرقا بين المدخول بها وبين غير المدخول بها وبين من سمي لها وبين من لم يسم لها. وقال مالك والليث: (لا يجبر أحد على المتعة سمي لها أولم يسم لها دخل بها أو لم يدخل، وإنما هي مما ينبغي أن يفعله ولا يجبر عليها). قال مالك: (وليس للملاعنة متعة على حال من الحالات). وقال الشافعي: (المتعة واجبة لكل مطلقة ولكل زوجة إذا كان الفراق من قبله أو يتم به، إلا التي سمي لها وطلق قبل الدخول).
قال أبو بكر: نبدأ بالكلام في إيجاب المتعة ثم نعقبه بالكلام على من أوجبها لكل مطلقة. والدليل على وجوبها قوله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين). وقال تعالى في آية أخرى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) [الأحزاب: 49] وقال في آية أخرى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) فقد حوت هذه الآيات الدلالة على وجوب المتعة من وجوه، أحدها: قوله تعالى: (فمتعوهن) [الأحزاب: 49] لأنه أمر، والأمر يقتضي الوجوب حتى تقوم الدلالة على الندب. والثاني: قوله تعالى: (متاعا بالمعروف حقا على المحسنين) وليس في ألفاظ الإيجاب آكد من قوله (حقا عليه). والثالث: قوله تعالى: (حقا على المحسنين) تأكيد لإيجابه، إذ جعلها من شرط الإحسان، وعلى كل