وعياله والأقرب فالأقرب منه، ثم بعد ذلك ما يفضل يصرفه إلى الأجانب. ويحتج به في أن صدقة الفطر وسائر الصدقات لا تجب على الفقير إذ كان الله تعالى إنما أمرنا بالإنفاق من العفو والفاضل عن الغنى.
قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) هذا يدل على فرض القتال، لأن قوله: (كتب عليكم) بمعنى فرض عليكم، كقوله: (كتب عليكم الصيام) [البقرة:
186]. ثم لا يخلو القتال المذكور في الآية من أن يرجع إلى معهود قد عرفه المخاطبون أو لم يرجع إلى معهود، لأن الألف واللام تدخلان للجنس أو للمعهود، فإن كان المراد قتالا قد عرفوه رجع الكلام إليه، نحو قوله تعالى: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) [التوبة: 36] وقوله: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) [البقرة: 191]. فإن كان كذلك، فإنما هو أمر بقتال على وصف، وهو أن نقاتل المشركين إذا قاتلونا، فيكون حينئذ كلاما مبنيا على معهود قد علم حكمه مكرر ذكره تأكيدا، وإن لم يكن راجعا إلى معهود فهو لا محالة مجمل مفتقر إلى البيان، وذلك أنه معلوم عند وروده أنه لم يأمرنا بقتال الناس كلهم فلا يصح اعتقاد العموم فيه، ومالا يصح اعتقاد العموم فيه فهو مجمل مفتقر إلى البيان. وسنبين اختلاف أهل العلم في فرض الجهاد وكيفيته عند مصيرنا إلى قوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) [التوبة: 5] إن شاء الله تعالى.
وقوله: (وهو كره لكم) معناه: مكروه لكم، أقيم فيه المصدر مقام المفعول، كقولك (فلان رضى) أي: مرضي.
وقوله تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام) قد تضمنت هذه الآية تحريم القتال في الشهر الحرام، ونظيره في الدلالة عل مثله قوله: (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) [البقرة: 194] وقوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) [التوبة: 36]. وحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن الليث بن سعد قال: حدثني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى، فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ).
وقد اختلف في نسخ ذلك، فقالت طائفة: حكمه باق لم ينسخ، وممن قال ذلك عطاء بن أبي رباح، حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن