للعلم (بأنه صام في السفر) وثبت عنه أيضا إباحة الصوم في السفر، منه حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أصوم في السفر؟ فقال عليه السلام: (إن شئت فصم وإن شئت فأفطر). وروى ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبو الدرداء وسلمة بن المحبق صيام النبي صلى الله عليه وسلم في السفر.
واحتج من أبى جواز صوم المسافر وأوجب عليه القضاء بظاهر قوله: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) قالوا: فالعدة واجبة في الحالين، إذ ليس في الآية فرق بين الصائم والمفطر، وبما روى كعب بن عاصم الأشعري وجابر بن عبد الله وأبو هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من البر الصيام في السفر)، وبما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا إبراهيم بن منذر الحزامي قال: حدثنا عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد، عن الزهري: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)، ثنا ومما روى أنس بن مالك القشيري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم وعن الحامل والمرضع).
فأما الآية فلا دلالة لهم فيها، بل هي دالة على جواز صوم المسافر لما بينا وأما ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: (ليس من البر الصيام في السفر) فإنه كلام خرج على حال مخصوصة، فهو مقصور الحكم عليها، وهي ما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يظلل عليه والزحام عليه، فقال: (ليس من البر الصيام في السفر) فجائز أن يكون كل من روى ذلك فإنما حكى ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال، وساق بعضهم ذكر السبب وحذفه بعضهم واقتصر على حكاية قوله عليه السلام. وقد ذكر أبو سعيد الخدري في حديثه أنهم صاموا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان، ثم إنه قال لهم: (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا!) فكانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال أبو سعيد: ثم لقد رأيتني أصوم مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وبعد ذلك، حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد، أنه حدثه عن قزعة قال: سألت أبا سعيد الخدري عن صيام رمضان في السفر، وذكر الحديث. فذكر أيضا في هذا الحديث علة أمره بالإفطار وأنها كانت لأنه أقوى لهم على قتال عدوهم، وذلك لأن الجهاد كان فرضا عليهم ولم يكن