أصحابه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم) قيل له: قد روى هذا الحديث محمد بن أبان عن زيد بن أسلم عن أبي عبيد الله الصنابحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح صائما فذرعه القئ فلم يفطر، ومن احتلم فلم يفطر، ومن احتجم فلم يفطر). فبين في هذا الحديث القئ الذي لا يوجب الإفطار، ولو لم يذكره على هذا البيان لكان الواجب حمله على معناه وأن لا يسقط أحد الحديثين بالآخر، وذلك لأنه متى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبران متضادان وأمكن استعمالهما على غير وجه التضاد استعملناهما جميعا ولم يبلغ أحدهما. وإنما قالوا: أنه إذا استقاء أقل من مل ء فيه لم يفطره، من قبل أنه لا يتناوله اسم القئ، ألا ترى أن من ظهر على لسانه شئ بالجشاء لا يقال إنه قد تقيأ؟ وإنما يتناوله هذا الاسم عند كثرته وخروجه، وقد كان أبو الحسن الكرخي رحمه الله تعالى يقول في تقدير مل ء الفم: (هو الذي لا يمكنه إمساكه في الفم لكثرته فيسمى حينئذ قيئا).
وأما الحجامة فإنما قالوا إنها لا تفرط الصائم، لأن الأصل أن الخارج من البدن لا يوجب الإفطار، كالبول والغائط والعرق واللبن، ولذلك لو جرح انسان أو افتصد لم يفطره، فكانت الحجامة قياس ذلك، ولأنه لما ثبت أن الإمساك عن كل شئ ليس من الصوم الشرعي، لم يجز لنا أن نلحق به إلا ما ورد به التوقيف أو اتفقت الأمة عليه. وقد ورد بإباحة الحجامة للصائم آثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك: ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا عبيد بن شريك البزاز قال: حدثنا أبو الجماهر قال: حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يفطرن الصائم: القئ والاحتلام والحجامة). وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم صائما محرما). وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا حسين بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم قال: حدثنا عيسى بن يونس عن أيوب بن محمد اليماني، عن المثنى بن عبد الله، عن أنس بن مالك قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة ثماني عشرة من رمضان برجل وهو يحتجم فقال عليه السلام: (أفطر الحاجم والمحجوم) ثم أتاه رجل بعد ذلك فسأله عن الحجامة في شهر رمضان فقال: (إذا تبيغ أحدكم الدم فليحتجم). وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن حبيب أبو حصن الكوفي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون قال: حدثنا أبو مالك عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فغشي عليه فلذلك كرهه). وحدثنا محمد بن أبي بكر قال: حدثنا أبو داود