حتى يسلم، وإن قرأها مع كل سورة فحسن. قال الحسن: وإن كان مسبوقا فليس عليه أن يقرأها فيما يقضي لأن الإمام قد قرأها في أول صلاته، وقراءة الإمام له قراءة. قال أبو بكر: وهذا يدل من قوله على أنه كان يرى بسم الله الرحمن الرحيم من القرآن في ابتداء القراءة، وأنها ليست مفردة على وجه التبرك فقط حسب إثباتها في ابتداء الأمور والكتب، ولا منقولة عن مواضعها من القرآن.
وروى هشام عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وتجديدها قبل السورة التي بعد فاتحة الكتاب، فقال أبو حنيفة: يجزيه قراءتها قبل الحمد. وقال أبو يوسف: يقرأها في كل ركعة قبل القراءة مرة واحدة ويعيدها في الأخرى أيضا قبل فاتحة الكتاب وبعدها إذا أراد أن يقرأ سورة. قال محمد: فإن قرأ سورا كثيرة وكانت قراءته يخفيها قرأها عند افتتاح كل سورة، وإن كان يجهر بها لم يقرأها لأنه في الجهر يفصل بين السورتين بسكتة. قال أبو بكر: وهذا من قول محمد يدل على أن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم إنما هي للفصل بين السورتين أو لابتداء القراءة، وأنها ليست من السور، ولا دلالة فيه على أنه كان لا يراها آية وأنها ليست من القرآن. وقال الشافعي هي من أول كل سورة فيقرأها عند ابتداء كل سورة.
قال أبو بكر: وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنها تقرأ في كل ركعة. وعن إبراهيم قال: إذا قرأتها في أول كل ركعة أجزأك فيما بقي. وقال مالك بن أنس: لا يقرأها في المكتوبة سرا ولا جهرا، وفي النافلة إن شاء قرأ وإن شاء ترك. و الدليل على أنها تقرأ في سائر الصلوات حديث أم سلمة وأبي هريرة أن النبي عليه السلام كان يقرأ في الصلاة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وروى أنس بن مالك قال:
صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم، وقال في بعضها: يخفون، وفي بعضها: كانوا لا يجهرون. ومعلوم أن ذلك كان في الفرض، لأنهم إنما كانوا يصلون خلفه في الفرائض لا في التطوع، إذ ليس من سنة التطوع فعلها في جماعة، وقد روي عن عائشة وعبد الله بن المغفل وأنس بن مالك أن النبي عليه السلام كان يفتتح القراءة ب (الحمد لله رب العالمين)، وهذا إنما يدل على ترك الجهر بها ولا دلالة فيه على تركها رأسا. فإن قال قائل: روى أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الثانية استفتح ب (الحمد لله رب العالمين) ولم يسكت، قيل له: ليس لمالك فيه دليل من قبل أنه إن ثبت أنه لم يقرأها في الثانية فإنما ذلك حجة لمن يقتصر عليها في أول ركعة، فأما أن يكون دليلا على تركها رأسا فلا. وقد روى قراءتها في أول الصلاة عن علي وعمر وابن عباس وابن عمر من غير