قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) *... الآية، قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله، إلا أن الرجل كان يخلف على حليلة أبيه، ويجمعون بين الأختين، فمن ثم قال الله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) * قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت ضمرة، كانت تحت الأسلت أبيه، وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وكانت عند أبيه خلف، وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد، وكانت عند أمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية، وفي منظور بن رباب، وكان خلف على مليكة ابنة خارجة، وكانت عند أبيه رباب بن سيار.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قلت لعطاء بن أبي رباح: الرجل ينكح المرأة ثم لا يراها حتى يطلقها، أتحل لابنه؟ قال:
هي مرسلة، قال الله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * قال: قلت لعطاء: ما قوله: * (إلا ما قد سلف) *؟ قال: كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) *... الآية، يقول: كل امرأة تزوجها أبوك وابنك دخل أو لم يدخل فهي عليك حرام.
واختلف في معنى قوله: * (إلا ما قد سلف) * فقال بعضهم: معناه: لكن ما قد سلف فدعوه، وقالوا هو من الاستثناء المنقطع.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تنكحوا نكاح آبائكم، بمعنى: ولا تنكحوا كنكاحهم كما نكحوا على الوجوه الفاسدة التي لا يجوز مثلها في الاسلام، * (إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا) * يعني: أن نكاح آبائكم الذي كانوا ينكحونه في جاهليتهم كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا، إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح لا يجوز ابتداء مثله في الاسلام، فإنه معفو لكم عنه.
وقالوا: قوله: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * كقول القائل للرجل: لا تفعل ما فعلت، ولا تأكل ما أكلت بمعنى: ولا تأكل كما أكلت، ولا تفعل كما فعلت.