قال أبو جعفر: وأولى القولين عندي بالصواب في تأويل ذلك ما قاله ابن عباس من أن معنى الدخول: الجماع والنكاح لان ذلك لا يخلو معناه من أحد الامرين: إما أن يكون على الظاهر المتعارف من معاني الدخول في الناس وهو الوصول إليها بالخلوة بها أو يكون بمعنى الجماع وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرم عليه ابنتها إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النظر إلى فرجها بالشهوة ما يدل على أن معنى ذلك: هو الوصول إليها بالجما. وإذا كان ذلك كذلك فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك مات قلناه.
وأما قوله: (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) فإنه يقول: فإن لم تكونوا أيها الناس دخلتم بأمهات ربائبكم اللاتي في حجوركم فجامعتموهن حتى طلقتموهن (فلا جناح عليكم) يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك.
وأما قوله: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم فإنه يعني: وأزواج أبنائكم الذين من أصلابكم وهي جمع حليلة وهي امرأته وقيل: سميت امرأة الرجل حليلته لأنها تحل معه في فراش واحد. ولا خلاف بيم جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل حرام عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح دخل بها أو لم يدخل بها.
فإن قال قائل: فما أنت قائل في حلائل الأبناء من الرضاع فإن الله تعالى إنما حرم حلائل أبنائنا من أصلابنا؟ قيل: إن حلائل الأبناء من الرضاع وحلائل الأبناء من الأصلاب سواء في التحريم وإنما قال: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) لان معناه: وحلائل أبنائكم الذين ولدتموهم دون حلائل أبنائكم الذين تبنيتموهم. كما:
حدثنا القامس قال: ثنا الحسين قال: ثنا حجاج عن ابن جريج قال:
قلت لعطاء قوله: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) قال: كنا نحدث والله أعلم أنها نزلت في محمد (ص) حين نكح امرأة زيد بن حارثة قال المشركون في ذلك فنزلت:
(وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم). نزلت: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) ونزلت: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)