قلت بلى، قال: فتلا عند ذلك هذه الآية: * (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) *.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات بالآية قول من قال: تأويل ذلك: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم العيلة لو كانوا فرقوا أموالهم في حياتهم، أو قسموها وصية منهم بها لأولي قرابتهم وأهل اليتم والمسكنة، فأبقوا أموالهم لولدهم خشية العيلة عليهم بعدهم مع ضعفهم وعجزهم عن المطالب، فليأمروا من حضروه، وهو يوصي لذوي قرابته - وفي اليتامى والمساكين وفي غير ذلك - بماله بالعدل، وليتقوا الله، وليقولوا قولا سديدا، وهو أن يعرفوه ما أباح الله له من الوصية وما اختاره المؤمنون من أهل الايمان بالله وبكتابه وسنته.
وإنما قلنا ذلك بتأويل الآية أولى من غيره من التأويلات لما قد ذكرنا فيما مضى قبل، من أن معنى قوله: * (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) * وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأوصوا لهم، بما قد دللنا عليه من الأدلة. فإذا كان ذلك تأويل قوله: * (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين) *... الآية، فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره: * (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم) * تأديبا منه عباده في أمر الوصية بما أذنهم فيه، إذ كان ذلك عقيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهر معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى مع اشتباه معانيهما من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه.
وبمعنى ما قلنا في تأويل قوله: * (وليقولوا قولا سديدا) * قال من ذكرنا قوله في مبتدأ تأويل هذه الآية، وبه كان ابن زيد يقول.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) * قال: يقول قولا سديدا، يذكر هذا المسكين وينفعه، ولا يجحف بهذا اليتيم وارث المؤدي ولا يضر به، لأنه صغير لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدك لو كانوا صغارا.
والسديد من الكلام: هو العدل والصواب. القول في تأويل قوله تعالى: