جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج ١ - الصفحة ٧٦٩
وأما قوله: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك فإنهما خصا بذلك بعض الذرية لان الله تعالى ذكره قد كان أعلم إبراهيم خليله (ص) قبل مسألته هذه أن من ذريته من لا ينال عهده لظلمه وفجوره، فخصا بالدعوة بعض ذريتهما. وقد قيل إنهما عنيا بذلك العرب. ذكر من قال ذلك:
1699 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ومن ذريتنا أمة مسلمة لك يعنيان العرب. وهذا قول يدل ظاهر الكتاب على خلافه لان ظاهره يدل على أنهما دعوا الله أن يجعل من ذريتهما أهل طاعته وولايته والمستجيبين لامره، وقد كان في ولد إبراهيم العرب وغير العرب، والمستجيب لأمر الله والخاضع له بالطاعة من الفريقين فلا وجه لقول من قال: عنى إبراهيم بدعائه ذلك فريقا من ولده بأعيانهم دون غيرهم إلا التحكم الذي لا يعجز عنه أحد. وأما الأمة في هذا الموضع، فإنه يعني بها الجماعة من الناس، من قول الله: ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق.
القول في تأويل قوله تعالى: وأرنا مناسكنا.
اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: وأرنا مناسكنا بمعنى رؤية العين، أي أظهرها لأعيننا حتى نراها. وذلك قراءة عامة أهل الحجاز والكوفة، وكان بعض من يوجه تأويل ذلك إلى هذا التأويل يسكن الراء من أرنا، غير أنه يشمها كسرة.
واختلف قائل هذه المقالة وقراء هذه القراءة في تأويل قوله: مناسكنا فقال بعضهم: هي مناسك الحج ومعالمه. ذكر من قال ذلك:
1700 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله:
وأرنا مناسكنا فأراهما الله مناسكهما الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والإفاضة من عرفات، والإفاضة من جمع، ورمي الجمار، حتى أكمل الله الدين أو دينه.
1701 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: وأرنا مناسكنا قال: أرنا نسكنا وحجنا.
1702 - حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما
(٧٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 764 765 766 767 768 769 770 771 772 773 774 ... » »»
الفهرست