الحجة بالنقل المستفيض دراية بتصويب ذلك، وشذوذ ما خالفه من القراءة. وغير جائز الاعتراض بمن كان جائزا عليه في نقله الخطأ والسهو، على من كان ذلك غير جائز عليه في نقله.
وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: قال الله: يا إبراهيم قد أجبت دعوتك، ورزقت مؤمني أهل هذا البلد من الثمرات وكفارهم متاعا لهم إلى بلوغ آجالهم، ثم اضطر كفارهم بعد ذلك إلى النار.
وأما قوله: فأمتعه قليلا يعني: فأجعل ما أرزقه من ذلك في حياته متاعا يتمتع به إلى وقت مماته.
وإنما قلنا إن ذلك كذلك لان الله تعالى ذكره إنما قال ذلك لإبراهيم جوابا لمسألته ما سأل من رزق الثمرات لمؤمني أهل مكة، فكان معلوما بذلك أن الجواب إنما هو فيما سأله إبراهيم لا في غيره. وبالذي قلنا في ذلك قال مجاهد، وقد ذكرنا الرواية بذلك عنه.
وقال بعضهم: تأويله: فأمتعه بالبقاء في الدنيا. وقال غيره: فأمتعه قليلا في كفره ما أقام بمكة، حتى أبعث محمدا (ص) فيقتله إن أقام على كفره أو يجليه عنها. وذلك وإن كان وجها يحتمله الكلام فإن دليل ظاهر الكلام على خلافه لما وصفنا.
القول في تأويل قوله تعالى: ثم أضطره إلى عذاب النار.
يعني تعالى ذكره بقوله: ثم أضطره إلى عذاب النار ثم أدفعه إلى عذاب النار وأسوقه إليها، كما قال تعالى ذكره: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ومعنى الاضطرار:
الاكراه، يقال: اضطررت فلانا إلى هذا الامر: إذا ألجأته إليه وحملته عليه. فذلك معنى قوله: (ثم أضطره إلى عذاب النار) أدفعه إليها، وأسوقه سحبا وجرا على وجهه.
القول في تأويل قوله تعالى: (وبئس المصير).
قد دللنا على أن بئس من البؤس، سكن ثانيه ونقلت حركة ثانيه إلى أوله، كما قيل للكبد كبد، وما أشب ذلك. ومعنى الكلام: وساء المصير عذاب النار، بعد الذي كانوا فيه من متاع الدنيا الذي متعتهم فيها. وأما المصير فإنه مفعل من قول القائل:
صرت مصيرا صالحا، وهو الموضع الذي يصير إليه الكافر بالله من عذاب النار. القول في تأويل قوله تعالى: