* - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا سعيد، عن سماك، سمعت خالد بن عرعرة يحدث عن علي بنحوه.
* - حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة وحماد بن سلمة وأبو الأحوص كلهم عن سماك، عن خالد بن عرعرة، عن علي بنحوه.
فمن قال: رفع القواعد إبراهيم وإسماعيل، أو قال رفعها إبراهيم وكان إسماعيل يناوله الحجارة. فالصواب في قوله أن يكون المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل، ويكون الكلام حينئذ: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) ويقولان: (ربنا تقبل منا).
وقد كان يحتمل على هذا التأويل أن يكون المضمر من القول لإسماعيل خاصة دون إبراهيم، ولإبراهيم خاصة دون إسماعيل، لولا ما عليه عامة أهل التأويل من أن المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل جميعا.
وأما على التأويل الذي روي عن علي أن إبراهيم هو الذي رفع القواعد دون إسماعيل، فلا يجوز أن يكون المضمر من القول عند ذلك إلا لإسماعيل خاصة.
والصواب من القول عندنا في ذلك أن المضمر من القول لإبراهيم وإسماعيل، وأن قواعد البيت رفعها إبراهيم وإسماعيل جميعا، وذلك أن إبراهيم وإسماعيل إن كانا هما بنياهما ورفعاها، فهو ما قلنا، وإن كان إبراهيم تفرد ببنائها، وكان إسماعيل يناوله، فهما أيضا رفعاها، لان رفعها كان بهما من أحدهما البناء من الآخر نقل الحجارة إليها ومعونة وضع الأحجار مواضعها. ولا تمتنع العرب من نسبة البناء إلى من كان بسببه البناء ومعونته.
وإنما قلنا ما قلنا من ذلك لاجماع جميع أهل التأويل على أن إسماعيل معني بالخبر الذي أخبر الله عنه وعن أبيه أنهما كان يقولانه، وذلك قولهما: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) فمعلوم أن إسماعيل لم يكن ليقول ذلك إلا وهو إما رجل كامل، وإما غلام قد فهم مواضع الضر من النفع، ولزمته فرائض الله وأحكامه. وإذا كان - في حال بناء أبيه، ما أمره الله ببنائه ورفعه قواعد بيت الله - كذلك، فمعلوم أنه لم يكن تاركا معونة أبيه، إما على البناء، وإما على نقل الحجارة. وأي ذلك كان منه فقد دخل في معنى من رفع قواعد