حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرا. ألا وإنها لا تحل ء لاحد بعدي ولم تحل لي إلا هذه الساعة عصى علي أهلها. ألا فهي قد رجعت على حالها بالأمس. ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فمن قال: إن رسول الله (ص) قد قتل بها، فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لك.
1668 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان، وحدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير جميعا، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) لمكة حين افتتحها: هذه حرم حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض وخلق الشمس والقمر ووضع هذين الأخشبين، لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار.
قالوا: فمكة منذ خلقت حرم آمن من عقوبة الله وعقوبة الجبابرة.
قالوا: وقد أخبرت عن صحة ما قلنا من ذلك الرواية الثابتة عن رسول الله (ص) التي ذكرناها.
قالوا: ولم يسأل إبراهيم ربه أن يؤمنه من عقوبته وعقوبة الجبابرة، ولكنه سأله أن يؤمن أهله من الجدوب والقحوط، وأن يرزق ساكنه من الثمرات، كما أخبر ربه عنه أنه سأله بقوله: وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر . قالوا: وإنما سأل ربه ذلك، لأنه أسكن فيه ذريته، وهو غير ذي زرع ولا ضرع، فاستعاذ ربه من أن يهلكهم بها جوعا وعطشا، فسأله أن يؤمنهم مما حذر عليهم منه.
قالوا: وكيف يجوز أن يكون إبراهيم سأل ربه تحريم الحرم، وأن يؤمنه من عقوبته وعقوبة جبابرة خلقه، وهو القائل حين حله، ونزله بأهله وولده: ربنا إني أسكنت من