وحدوث المقضي وقالوا: إنما قول الله عز وجل: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون نظير قول القائل: قال فلان برأسه، وقال بيده إذا حرك رأسه أو أومأ بيده ولم يقل شيئا. وكما قال أبو النجم:
وقالت الأنساع للبطن الحق * قدما فآضت كالفنيق المحنق ولا قول هنالك، وإنما عنى أن الظهر قد لحق بالبطن. وكما قال عمرو بن حممة الدوسي:
فأصبحت مثل النسر طارت فراخه * إذا رام تطيارا يقال له قع ولا قول هناك، وإنما معناه: إذا رام طيرانا ووقع، وكما قال الآخر:
امتلأ الحوض وقال قطني * سيلا رويدا قد ملأت بطني وأولى الأقوال بالصواب في قوله: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون أن يقال: هو عام في كل ما قضاه الله وبرأه، لان ظاهر ذلك ظاهر عموم، وغير جائز إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان لما قد بينا في كتابنا: كتاب البيان عن أصول الاحكام. وإذ كان ذلك كذلك، فأمر الله عز وجل لشئ إذا أراد تكوينه موجودا بقوله:
كن في حال إرادته إياه مكونا، لا يتقدم وجود الذي أراد إيجاده وتكوينه إرادته إياه، ولا أمره بالكون والوجود، ولا يتأخر عنه. فغير جائز أن يكون الشئ مأمورا بالوجود مرادا كذلك إلا وهو موجود، ولا أن يكون موجودا إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك. ونظير قوله: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون قوله: ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون بأن خروج القوم من قبورهم لا يتقدم دعاء الله، ولا يتأخر عنه.
ويسأل من زعم أن قوله: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون خاص في