هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آية، واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه (صلى الله عليه وسلم) الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم لا ليبين لهم ما أنزل إليهم.
وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه (صلى الله عليه وسلم) ببلاغ ما أنزل إليه، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم، وقيام الحجة على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد بلغ فأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمر به، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود لقيله: " كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن " ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا تعد، هو أنه لم يكن يبين لامته من تأويله إلا اليسير القليل منه. هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده، التي لا يجوز معها الاحتجاج به لاحد ممن علم صحيح سند الآثار وفاسدها في الدين، لان راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار، وهو جعفر بن محمد الزبيدي. وأما الاخبار التي ذكرناها عنه من التابعين بإحجامه عن التأويل، فإن فعل من فعل ذلك منهم كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل وعلمه بأن الله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا، بنص أو دلالة. فلم يكن إحجامه عن خائف أن لا يبلغ في اجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه. فكذلك معنى إحجام من أحجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من العلماء السلف، إنما كان إحجامه عنه حذار أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة غير موجود بين أظهرهم.
ذكر الاخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه بذلك 84 - حدثنا محد بن بشار، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن سليمان، عن مسلم، قال: قال عبد الله: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
* - وحدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: حدثنا إسحاق الأزرق، عن سفيان،