الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع " يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته.
القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن قال أبو جعفر: قد قلنا في الدلالة على أن القرآن كله عربي، أنه نزل بألسن بعض العرب دون ألسن جميعها، وأن المسلمين اليوم، ومصاحفهم التي هي بين أظهرهم، ببعض الألسن التي نزل بها القرآن دون جميعها، وقلنا في البيان عما يحويه القرآن من النور والبرهان والحكمة والبيان، التي أودعها الله إياه: من أمره، ونهيه، وحلاله، وحرامه، ووعده، وعيده، ومحكمه، ومتشابهه، ولطائف حكمه، فما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه.
ونحن قائلون في البيان عن وجوه مطالب تأويله.
قال الله، جل ذكره وتقدست أسماؤه، لنبيه محمد (صلى الله عليه وسلم): " وأنزل إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (2).
وقال: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) (3).
فقد تبين ببيان الله، جل ذكره، أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره - واجبه (4)، وندبه، وإرشاده - وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه، وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آية التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لامته. وهذا وجه لا يجوز لاحد القول فيه إلا ببيان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بتأويله، بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها دالة أمته على تأويله.