حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قال:
أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير يقول: أتستبدلون الذي هو شر بالذي هو خير منه؟.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: الذي هو أدنى قال: أردأ.
القول في تأويل قوله تعالى: اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم.
وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا له، فقلنا لهم: اهبطوا مصر. وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظاهره على ذكر ما حذف وترك منه. وقد دللنا فيما مضى على أن معنى الهبوط إلى المكان إنما هو النزول إليه والحلول به.
فتأويل الآية إذا: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال لهم موسى: أتستبدلون الذي هو أخس وأردأ من العيش بالذي هو خير منه؟ فدعا لهم موسى ربه أن يعطيهم ما سألوه، فاستجاب الله له دعاءه، فأعطاهم ما طلبوا، وقال الله لهم: اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم.
ثم اختلف القراء في قراءة قوله: مصرا فقرأه عامة القراء: مصرا بتنوين المصر و إجرائه وقرأه بعضهم بترك التنوين وحذف الألف منه. فأما الذين نونوه وأجروه، فإنهم عنوا به مصرا من الأمصار لا مصرا بعينه، فتأويله على قراءتهم: اهبطوا مصرا من الأمصار، لأنكم في البدو، والذي طلبتم لا يكون في البوادي والفيافي، وإنما يكون في القرى والأمصار، فإن لكم إذا هبطتموه ما سألتم من العيش. وقد يجوز أن يكون بعض من قرأ ذلك بالاجراء والتنوين، كان تأويل الكلام عنده: اهبطوا مصرا البلدة التي تعرف بهذا الاسم وهي مصر التي خرجوا عنها، غير أنه أجراها ونونها اتباعا منه خط المصحف، لان في المصحف ألفا ثابتة في مصر، فيكون سبيل قراءته ذلك بالاجراء والتنوين سبيل من قرأ:
قواريرا قواريرا من فضة منونة اتباعا منه خط المصحف. وأما الذي لم ينون مصر فإنه لا شك أنه عنى مصر التي تعرف بهذا الاسم بعينها دون سائر البلدان غيرها.
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك نظير اختلاف القراء في قراءته.