قوله: وقولوا حطة يعني بذلك: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية... وادخلوا الباب سجدا وقولوا دخولنا ذلك سجدا حطة لذنوبنا، وهذا القول على نحو تأويل الربيع بن أنس وابن جريج وابن زيد الذي ذكرناه آنفا.
وأما على تأويل قول عكرمة، فإن الواجب أن تكون القراءة بالنصب في حطة، لان القوم إن كانوا أمروا أن يقولوا: لا إله إلا الله، أو أن يقولوا: نستغفر الله، فقد قيل لهم:
قولوا هذا القول، ف قولوا واقع حينئذ على الحطة، لان الحطة على قول عكرمة هي قول لا إله إلا الله، وإذ كانت هي قول لا إله إلا الله، فالقول عليها واقع، كما لو أمر رجل رجلا بقول الخير، فقال له: قل خيرا نصبا، ولم يكون صوابا أن يقول له قل خير إلا على استكراه شديد.
وفي إجماع القراء على رفع الحطة بيان واضح على خلاف الذي قاله عكرمة من التأويل في قوله: وقولوا حطة. وكذلك الواجب على التأويل الذي رويناه عن الحسن وقتادة في قوله: وقولوا حطة أن تكون القراءة في حطة نصبا، لان من شأن العرب إذا وضعوا المصادر مواضع الأفعال وحذفوا الأفعال أن ينصبوا المصادر، كما قال الشاعر:
أبيدوا بأيدي عصبة وسيوفهم * على أمهات الهام ضربا شاميا وكقول القائل للرجل: سمعا وطاعة، بمعنى: أسمع سمعا وأطيع طاعة، وكما قال جل ثناؤه: معاذ الله بمعنى: نعوذ بالله.
القول في تأويل قوله تعالى: نغفر لكم.
يعني بقوله: نغفر لكم نتغمد لكم بالرحمة خطاياكم ونسترها عليكم، فلا نفضحكم بالعقوبة عليه. وأصل الغفر: التغطية والستر، فكل ساتر شيئا فهو غافره. ومن ذلك قيل للبيضة من الحديد التي تتخذ جنة للرأس مغفر، لأنها تغطي الرأس وتجنه،