بعضهم: أشد العذاب، ولو كان معناه لقيل: أسوأ العذاب.
فإن قال لنا قائل: وما ذلك العذاب الذي كانوا يسومونهم الذي كان يسوءهم؟ قيل:
هو ما وصفه الله تعالى في كتابه فقال: (يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم). وقد قال محمد بن إسحاق في ذلك ما:
745 - حدثنا به ابن ا حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: أخبرنا ابن إسحاق، قال: كان فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدما وخولا، وصنفهم في أعماله، فصنف يبنون، وصنف يزرعون له، فهم في أعماله، ومن لم يكن منهم في صنعة من عمله فعليه الجزية، فسامهم كما قال الله عز وجل: (سوء العذاب).
وقال السدي: جعلهم في الأعمال القذرة، وجعل يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم.
746 - حدثني بذلك موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي.
القول في تأويل قوله تعالى: (يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم).
قال أبو جعفر: وأضاف الله جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببني إسرائيل - من سومهم إياهم سوء العذاب وذبحهم أبناءهم واستحيائهم نساءهم - إليهم (1) دون فرعون، وإن كان فعلهم ما فعلوا من ذلك كان بقوة فرعون وعن أمره، لمباشرتهم ذلك بأنفسهم. فبين بذلك أن كل مباشر قتل نفس أو تعذيب حي بنفسه وإن كان عن أمر غيره، ففاعله المتولي ذلك هو المستحق إضافة ذلك إليه، وإن كان الامر قاهرا الفاعل المأمور بذلك سلطانا كان الامر أو لصا خاربا (2) أو متغلبا فاجرا، كما أضاف جل ثناؤه ذبح أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم إلى آل فرعون دون فرعون، وإن كانوا بقوة فرعون وأمره إياهم بذلك فعلوا ما فعلوا مع غلبته إياهم وقهره لهم. فكذلك كل قاتل نفسا بأمر غيره ظلما فهو المقتول عندنا به قصاصا، وإن كان قتله إياها بإكراه غيره له على قتله.
وأما تأويل ذبحهم أبناء بني إسرائيل، واستحيائهم نساءهم، فإنه كان فيما ذكر لهنا عن ابن عباس وغيره كالذي: