أما تأويل قوله: (وإذ نجيناكم) فإنه عطف على قوله: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي) فكأنه قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واذكروا إنعامنا عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون بإنجائنا لكم منهم.
وأما آل فرعون أهل دينه وقومه وأشياعه. وأصل " آل " أهل، أبدلت الهاء همزة، كما قالوا ماه، فأبدلوا الهاء همزة، فإذا صغروه قالوا مويه، فردوا الهاء في التصغير وأخرجوه على أصله. وكذلك إذا صغروا آل، قالوا: أهيل. وقد حكي سماعا من العرب في تصغير آل: أويل. وقد يقال: فلان من آل النساء، يراد به أنه منهن خلق، ويقال ذلك أيضا بمعنى أنه يريدهن ويهواهن، كما قال الشاعر:
فإنك من آل النساء وإنما * يكن لأدنى لا وصال لغائب (1) وأحسن أماكن " آل " أن ينطق به مع الأسماء المشهورة، مثل قولهم: آل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآل علي، وآل عباس، وآل عقيل. وغير مستحسن استعماله مع المجهول، وفي أسماء الأرضين وما أشبه ذلك، غير حسن عند أهل العلم بلسان العرب أن يقال: رأيت آل الرجل، ورآني آل المرأة، ولا رأيت آل البصرة، وآل الكوفة. وقد ذكر عن بعض العرب سماعا أنها تقول: إنه اسم مكة وآل المدينة، وليس ذلك في كلامهم بالمستعمل الفاشي.
وأما فرعون فإنه يقال: إنه اسم كانت ملوك العمالقة بمصر تسمى به، كما كانت ملوك الروم يسمي بعضهم قصير وبعضهم هرقل، وكما كانت ملوك فارس تسمى الأكاسرة واحدهم كسرى، وملوك اليمن تسمى التابعة واحدهم تبع. وأما فرعون موسى الذي أخبر الله تعالى عن بني إسرائيل أنه نجاهم منه فإنه يقال: إن اسمه الوليد بن مصعب بن الريان، وكذلك ذكر محمد بن إسحاق أنه بلغه عن اسمه.
744 - حدثنا بذلك محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: أن اسمه الوليد بن مصعب بن الريان.
وإنما جاز أن يقال: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) والخطاب به لمن لم يدرك فرعون ولا المنجين منه، لان المخاطبين بذلك كانوا أبناء من نجاهم من فرعون وقومه، فأضاف ما كان من نعمه على آبائهم إليهم، وكذلك ما كان من كفران آبائهم على وجه الإضافة، كما يقول القائل لاخر: فعلنا بكم كذا، وفعلنا بكم كذا، وقتلناكم وسبيناكم، والمخبر إما أن