إنه استحياء الصبايا والأطفال، قال: إذ لم نجدهن يلزمهن اسم نساء. ثم دخل فيما هو أعظم مما أنكر بتأويله " ويستحيون " يسترقون.، وذلك تأويل غير موجود في لغة عربية ولا عجمية، وذلك أن الاستحياء إنما هو استفعال من الحياء نظير الاستبقاء من البقاء والاستسقاء من السقي، وهو معنى من الاسترقاق بمعزل.
وقد قال آخرون: قوله (يذبحون أبناءكم) بمعنى يذبحون رجالكم آباء أبنائكم.
وأنكروا أن يكون المذبوحون الأطفال، وقد قرن بهم النساء. فقالوا: في أخبار الله جل ثناؤه إن المستحين هم النساء الدلالة الواضحة على أن الذين كانوا يذبحون هم الرجال دون الصبيان، لان المذبحين لو كانوا هم الأطفال لوجب أن يكون المستحيون هم الصبايا.
قالوا: وفي إخبار الله عز وجل أنهم النساء ما يبين أن المذبحين هم الرجال. وقد أغفل قائلو هذه المقالة مع خروجهم من تأويل أهل التأويل من الصحابة والتابعين موضع الصواب، وذلك أن الله جل ثناؤه قد أخبر عن وحيه إلى أم موسى أنه أمرها أن ترضع موسى، فإذا خافت عليه أن تلقيه في التابوت في تلقيه في اليم. فمعلوم بذلك أن القوم لو كانوا إنما يقتلون الرجال ويتركون النساء لم يكن بأم موسى حاجة إلى إلقاء موسى في اليم، أو لو أن موسى كان رجلا لم تجعله أمه في التابوت، ولكن ذلك عندنا ما تأوله ابن عباس ومن حكينا قوله قبل من ذبح آل فرعون الصبيان وتركهم من القتل الصبايا.
وإنما قيل: (ويستحيون نساءكم) إذ كان الصبايا داخلات مع أمهاتهن، وأمهاتهن لا شك نساء في الاستحياء، لأنهم لم يكونوا يقتلون صغار النساء ولا كبارهن، فقيل:
(ويستحيون نساءكم) يعني بذلك الوالدات والمولدات كما يقال: قد أقبل الرجال وإن كان فيهم صبيان، فكذلك قوله: (ويستحيون نساءكم). وأما من الذكور فإنه لما لم يكن يذبح إلا المولودون قيل: يذبحون أبناءكم، ولم يقل يذبحون رجالكم.
القول في تأويل قوله تعالى: (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم).
أما قوله: (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) فإنه يعني: وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا إياكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون إياكم على ما وصفت بلاء لكم من ربكم عظيم. ويعني بقوله بلاء: نعمة. كما:
755 - حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (بلاء من ربكم عظيم) قال: نعمة.
756 - وحدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا