علمنا أن مولودا من بني إسرائيل قد أظلك زمانه الذي يولد فيه * يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك، ويخرجك من أرضك، ويبدل دينك. فلما قالوا له ذلك، أمر بقتل كل مولود يولد من بني إسرائيل من الغلمان، وأمر بالنساء يستحيين. فجمع القوابل من نساء مملكته، فقال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتلتنه. فكن يفعلن ذلك، وكان يذبح من فوق ذلك من الغلمان، ويأمر بالحبالى فيعذبن حتى يطرحن ما في بطونهن.
753 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: لقد ذكر أنه كان ليأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار، ثم يصف بعضه إلى بعض، ثم يؤتى بالحبالى من بني إسرائيل، فيوقفن عليه فيحز أقدامهن، حتى إن المرأة منهن لتمصع (1) بولدها فيقع من بين رجليها، فتظل تطؤه تتقي به حد القصب عن رجلها لما بلغ من جهدها. حتى أسرف في ذلك وكاد يفنيهم، فقيل له:
أفنيت الناس وقطعت النسل، وإنهم خولك وعمالك. فأمر أن يقتل الغلمان عاما ويستحيوا عاما. فولد هارون في السنة التي يستحيا فيها الغلمان، وولد موسى في السنة التي فيها يقتلون.
قال أبو جعفر: والذي قاله من ذكرنا قوله من أهل العلم كان ذبح آل فرعون أبناء بني إسرائيل واستحياؤهم نساءهم، فتأويل قوله إذا على ما تأوله الذين ذكرنا قولهم:
(ويستحيون نساءكم): يستبقونهن فلا يقتلونهن.
وقد يجب على تأويل من قال بالقول الذي ذكرنا عن ابن عباس وأبي العالية والربيع بن أنس والسدي في تأويل قوله: (ويستحيون نساءكم): أنه تركهم الإناث من القتل عند ولادتهن إياهن أن يكون جائزا أن تسمى الطفلة من الإناث في حال صباها وبعد ولادها امرأة، والصبايا الصغار وهن أطفال: نساء، لأنهم تأولوا قول الله جل وعز:
(ويستحيون نساءكم): يستبقون الإناث من الولدان عند الولادة فلا يقتلونهن.
وقد أنكر ذلك من قولهم ابن جريج، فقال بما:
754 - حدثنا بن القاسم بن الحين، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (ويستحيون نساءكم) قال: يسترقون نساءكم.
فحاد ابن جريج بقوله هذا عما قاله من ذكرنا قوله في قوله: (ويستحيون نساءكم)