قال أبو جعفر: أما قوله: وإذ قلنا فمعطوف على قوله: وإذ قال ربك للملائكة كأنه قال جل ذكره لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله (ص) من بني إسرائيل معددا عليهم نعمه، ومذكرهم آلاءه على نحو الذي وصفنا فيما مضى قبل: اذكروا فعلي بكم إذ أنعمت عليكم، فخلقت لكم ما في الأرض جميعا، وإذ قلت للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، فكرمت أباكم آدم بما آتيته من علمي وفضلي وكرامتي، وإذ أسجدت له ملائكتي فسجدوا له. ثم استثنى من جميعهم إبليس، فدل باستثنائه إياه منهم على أنه منهم، وأنه ممن قد أمر بالسجود معهم، كما قال جل ثناؤه: إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك فأخبر جل ثناؤه أنه قد أمر إبليس فيمن أمره من الملائكة بالسجود لآدم. ثم استثناءه جل ثناؤه مما أخبر عنهم أنهم فعلوه من السجود لآدم، فأخرجه من الصفة التي وصفهم بها من الطاعة لامره ونفى عنه ما أثبته لملائكته من السجود لعبده آدم.
ثم اختلف أهل التأويل فيه هل هو من الملائكة أم هو من غيرهم؟ فقال بعضهم بما:
حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة، يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة. قال: فكان اسمه الحارث. قال:
وكان خازنا من خزان الجنة. قال: وخلقت الملائكة من نور غير هذا الحي. قال: وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.
وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خلاد، عن عطاء، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما، فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حي يسمون حنا.
وحدثنا به ابن حميد مرة أخرى، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خلاد، عن عطاء، عن طاوس، أو مجاهد أبي الحجاج، عن ابن عباس وغيره بنحوه، إلا