أعيان المسلمين بالأسماء التي علمها آدم، ولا تكاد العرب تكني بالهاء والميم إلا عن أسماء بني آدم والملائكة، وأما إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق، سوى من وصفنا، فإنها تكنى عنها بالهاء والألف، أو بالهاء والنون، فقالت: عرضهن، أعر عرضها. وكذلك تفعل إذا كنت عن أصناف من الخلق، كالبهائم والطير وسائر أصناف الأمم، وفيها أسماء بني آدم والملائكة، فإنها تكني عنها بما وصفنا من الهاء والنون، أو الهاء والألف. وربما كنت عنها إذ كان كذلك بالهاء والميم، كما قال جل ثناؤه: (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع) (1) فكنى عنها بالهاء والميم، وهي أصناف مختلفة فيها الادمي وغيره. وذلك وإن كان جائزا فإن الغالب المستفيض في كلام العرب ما وصفنا من إخراجهم كناية أسماء أجناس الأمم إذا اختلطت بالهاء والألف، أو الهاء والنون. فلذلك قلت: أولى بتأويل الآية أن تكون الأسماء التي علمها آدم أعيان بني آدم وأسماء الملائكة. وإن كان ما قال ابن عباس جائزا على مثال ما جاء من كتاب الله من قوله: (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه) (1) الآية. وقد ذكر أنها في حرف ابن مسعود: " ثم عرضهن "، وأنها في حرف أبي: " تم عرضها ".
ولعل ابن عباس تأول ما تأول من قوله: علمه اسم كل شئ حتى الفسوة والفسية على قراءة أبي، فإنه فيما بلغنا كمان يقرأ قراءة أبي. وتأويل ابن عباس على ما حكي عن أبي من قراءته غير مستنكر، بل هو صحي مستفيض في كلام العرب على نحو ما تقدم وصفي ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: (ثم عرضهم على الملائكة).
قال أبو جعفر: قد تقدم ذكرنا التأويل الذي هو أولى بالآية على قراءتنا ورسم مصحفنا، وأن قوله: (ثم عرضهم) بالدلالة على بني آدم والملائكة أولى منه بالدلالة على أجناس الخلق كلها، وإن كان غير فاسد أن يكون دالا على جميع أصناف الأمم للعلل التي وصفنا.
ويعني جل ثناؤه بقوله: (ثم عرضهم) ثم عرض أهل الأسماء على الملائكة.
وقد اختلفت المفسرون في تأويل قوله: (ثم عرضهم على الملائكة) نحو اختلافهم في قوله: (وعلم آدم الأسماء كلها) وسأذكر قول من انتهى إلينا عنه فيه قول.